أقيمت صلاة الجمعة، بإمامة السيد صادق الياسري، في مصلى الإمامين العسكريين، بمحافظة البصرة.
وجاء في الخطبة التي كانت بعنوان (السير إلى الإمام الحسين عليه السلام رسالة إلى الإنسانية جمعاء)، وتابعتها “النعيم نيوز”. إن “من أعظم مظاهر الولاء لأهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» هي تلك الجحافل والجموع التي نراها ويراها العالم بأسره تسير ولا من هدف لها إلا الوصول إلى البقعة التي اقتطعا الله سبحانه من الجنة ووضعها على الأرض، إلى كربلاء، إلى ترعة من ترع النعيم. ولا يكاد الناظر إلى هذه الجموع ينقضي عجبه من كثرة ما يرى من وقائع وأحداث وصور يحير لها عقل اللبيب، ومن وفقه الله سبحانه للمشاركة في هذه المسيرة الولائية يفهم معنى ما أتحدث عنه، حتى انشغلت لتلك المشاهد والوقائع قلوب وعقول كثير من المجتمعات العربية وغيرها.
أنتم تسيرون وقد عملتم بقوله تعالى، نعم جعلتم من المسير هو إحياء لدين الله تعالى، من خلال إظهار الولاء لولي الله تعالى وهو الإمام الحسين عليه السلام، والحزن على الإمام الحسين عليه السلام جعلتم من السير إلى كربلاء الحسين عليه السلام، شعيرة تتقربون إلى الله تعالى بها من خلال مواساة أولياءه الطاهرين.
جعلتم من هذا المشي عنصر قوة للطاعة وفي سبيل الله تعالى.، حيث أن طاعة الله تعالى تتجسد في نصرة أولياءه وهل يوجد عند العالم بأسره مثل الحسين عليه السلام، وهو ريحانة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. لذا على الذين ساروا باتجاه كربلاء العشق وكذلك الذين وطنوا أنفسهم لخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام أن يعرفوا قيمة عملهم هذا.
وهنا نريد ذكر جملة من الروايات والأحاديث الشريفة التي تؤيد وتشجع على أداء هذا الأمر العظيم وهذه الشعيرة المقدسة وهي السير إلى كربلاء المقدسة الذي هو السير إلى الجنة. منها:
ألف: فعن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاختة قال: (قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة، حتى إذا صار بالحائر كتبه الله من المفلحين، وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له: أنا رسول الله ربك يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى) « تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ج6 ص43».
باء: وعن جابر المكفوف، عن أبي الصامت قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول: من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة).
جيم: وعن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر عليه السلام في زيارة الحسين عليه السلام قال: (ما أتاه عبد فخطا خطوة إلا كتب الله له حسنة، وحط عنه سيئة).
دال: وعن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السلام فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة لذنبه، ثم لم يزل يقدس بكل خطوة حتى يأتيه…).
هاء: وعن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن بشير، عن أبي سعيد القاضي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في غرفة له فسمعته يقول: من أتى قبر الحسين ماشيا كتب الله له بكل خطوة وبكل قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل).
ويدل أيضا على استحباب المشي إلى قبر الإمام المظلوم« صلوات الله وسلامه عليه» الخبر المشهور بين الخاصة والعامة. عن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله وسلم» انه قال: (أفضل الأعمال أحمزها).
ومعنى أحمزها هو: أشدها وأمتنها، وأكثرها مشقة، راجع «كتاب العين للخليل الفراهيدي ج3 ص168» والمشي كما هو معلوم بالوجدان أشد وأصعب من الركوب فيكون أفضل قطعاً، وكلما كانت مسافته أطول فهو اشد جهدا ومشقة فيكون أفضل، بل وكلما كانت الظروف أصعب كان المشي أعظم أجراً، فالماشي في زمن الخوف أو الحر أو البرد الشديد أو غير ذلك من الظروف الصعبة أكبر منفعة وثمرة دنيوية وأخروية من المشي بغير تلك الظروف، عملاً بالحديث النبوي الشريف.
ويدل على استحباب ذلك أيضاً الخبر المروي عند الخاصة والعامة عن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» والقائل فيه: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار). وزيارة قبر الإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» مصداق واضح من مصاديق هذا الحديث، فهو مشمول بوصف (في سبيل الله)، وكذلك بوصف (اغبرت قدماه) إذ أن القدم إنما تغبر بالتراب عادة بسبب المشي دون الركوب.
ومنها: في المشي إظهار لقوة وشوكة أتباع ومحبي أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم». ويدل على استحباب المشي إلى قبر الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ان في المشي إظهاراً للشوق وعظيم المحبة، والتي من أجلها يتجشم الزائر كل ما في المشي من صعوبة ومخاطر ومشاق، وفيه أيضاً إظهار لشوكة التشيع وقوته، وتماسك أتباعه، وتمسكهم بولائهم لائمتهم «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين». وفيه إرعاب لقلوب النواصب وأعداء الأئمة الأطهار «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» وكل هذه الأمور راجحة شرعا وحسنة عقلاً.
بعض آداب المسير إلى قبر سيد الشهداء «صلوات الله وسلامه عليه». والآداب كثيرة نختار منها المهم وهي كالآتي:
أولاً: أن يحاول في أثناء الطريق، بل وفي مطلق الأزمنة، السعي إلى زيادة معرفته بالإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وسائر المعصومين «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين»، وفهم لأكبر مقدار ممكن من مراتبهم ومقاماتهم، لان الروايات الشريفة صرحت بأن الأجر على قدر المعرفة. حتى أن بعض الزائرين يعطى بكل خطوة حسنة، بينما البعض الآخر يعطى بكل خطوة ألف حسنة. أما الصنف الآخر فيعطى في كل قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام، وليس هذا التفاضل والتمايز إلا بسبب المعرفة وشدة الإخلاص واليقين ومراعاة حالة التأدب بالآداب الشرعية عموماً وبآداب الزيارة على وجه الخصوص.
ثانياً: أن يتخلق في أثناء طريقه إلى زيارة قبر سيد الشهداء «صلوات الله وسلامه عليه»، بل وفي مطلق أيام حياته، بمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال. وليضع أمام ناظريه أن جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته تنعكس على مذهب أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» سلباً أو إيجاباً، والحفاظ على سمعة وكرامة وعزة المذهب هي مسؤولية الجميع لا سيما المتدينين من أتباعه.
فعليهم والحال هذه أن ينزهوا أنفسهم عن كل ما من شأنه أن ينقص من قدرهم، وان تكون عليهم سيماء الوقار والهيبة والشدة في تطبيق الأحكام الشرعية ومراعاة الحدود الإلهية، وعدم التهاون في إقامة الواجبات كالصلاة والحجاب وحفظ اللسان والعين والأذن مما يحرم الكلام فيه والنظر إليه وسماعه. فقد جاء في صحيحة هشام بن الحكم قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إياكم ان تعملوا عملا يعيرونا ــ أي المخالفين ــ به، فان ولد السوء يعير والده بعمله، وكونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا علينا شينا…ولا يسبقوكم ــ يعني المخالفين ــ إلى شيء من الخير فانتم أولى به منهم) وعن سليمان بن مهران قال: (دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وعنده نفر من الشيعة، فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة، كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول).
ثالثاً: ينبغي على زائري قبر الإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» حال مشيهم بل في مطلق حالاتهم، بل وفي مطلق أيام حياتهم، أن يعين غنيهم فقيرهم، وان يوقر صغيرهم كبيرهم، وان يعين قويهم ضعيفهم، وان تسود بينهم حال مسيرهم وحين وصولهم وأثناء رجوعهم روح المحبة والألفة والتراحم والتكافل، لينظر الله لهم بعين رحمته، ويشملهم بلطفه، ويرفعهم ويعزهم بسبب تراحمهم وتكافلهم بان يجعل كلمتهم العليا على من خالفهم. لان عزتهم في وحدتهم وذلهم وانكسارهم في فرقتهم. قال سبحانه {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
رابعاً: المحافظة على نقاوة المسير وصفائه ونزاهته نحو قبر سيد الشهداء «صلوات الله وسلامه عليه» وعدم إدخال ما لا يمت بصلة إلى القضية الحسينية ومراسيم عاشوراء في مشيهم ومسيرتهم. فحري بالزائرين الكرام أن لا يضعوا أمام نواظرهم غير الإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» وإقامة شعائر الحقة في الزيارة العظيمة. وان تكون شعاراتهم وهتافاتهم وجميع تصرفاتهم خالصة لوجه الله سبحانه وللإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» وقضيته ومصيبته ومصيبة أهل بيته وأصحابه «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».
ولاتنسوا من خلال مسيركم هذا أن تحيوا يوم المنبر العالمي الذي دعا إليه سماحة المرجع المفدى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله الشريف) من خلال جلوسكم في المواكب واستماعكم إلى الموعظة والبكاء على سيد الشهداء (ع)، وهذا من فعله أمامكم زين العابدين عليه السلام جعل من المسير محل هداية للأمة بعد أن ذكر المجتمع بمظلومية أبيه الحسين (ع) حول ذلك المجتمع من أناس تقول هذا رأس الخارجي إلى البكاء والنياحه والهداية للحق الذي استشهد من أجله الإمام الحسين عليه السلام.
وكذلك من النقاط المهمة في هذه الزيارة العظيمة:
هو الشكر والثناء للذين يقومون على خدمة زوار سيد الشهداء عليه السلام ليلاً ونهاراً، وقد تركوا كل شيء من أجل أن لايقصروا في خدمة الزائرين وكأنما بل الحقيقة يشعرون بالخجل أمام سيد الشهداء عليه السلام إذا لم يؤدوا الخدمة على أتم الوجه ولولاهم بعد الله تعالى وبركات ال البيت عليهم السلام.
لما استطاع الزائر أن يمشي هذا الطريق الطويل. ثم إن للزيارة معاني كبيرة تتجلى فيها معاني الإنسانية
التي جعلنا العنوان لها حيث تجد موسم زيارة الأربعين في العراق ليس فقط يوم واحد في نفس يوم الزيارة
بل أصبح موسم مبارك وعظيم تجد فيه روح الإيثار والتضحية والبذل وحب الآخرين والتواضع وجعل الخلافات على جانب والنظر للشخص انه زائر الإمام الحسين عليه السلام بغض النظر عن قوميته أو توجهاته. نجد هذه الفترة الزمنية وانت تعيشها كأنما انت في دولة الحق التي تتطلع إليها قلوب الملايين.
تجد الخدمة بمختلف الاتجاهات رجل الذين فيها والمراجع فيها والتجار فيها والغني والفقير فيها كل واحد يريد أن يؤدي دوره بشكل تام من أجل سيد الشهداء عليه السلام، سبحان الله العظيم فعلاً هو سير إلى الجنة
بل هو الإنسانية بكل ما تحمل من معاني.
حتى قال أحدهم كأنما العراق مضيف الإمام الحسين عليه السلام والجميع خدام في هذا المضيف هنيئا لكم يا اتباع ال البيت عليهم السلام، وانتم تجسدون روح المذهب الشريف وروح الإسلام في هذه الزيارة العظيمة.. كيف لا وأنتم تتربطن بريحانة الهادي الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. كيف لا وأنتم تواسون سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام”.