أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ حسين المندلاوي وبحضور جمع مبارك من المؤمنين .
وقال الشيخ حسين المندلاوي في خطبة الجمعة تحت عنوان ( شذرات من السيرة العطرة للشهيد السيد محمد صادق الصدر ) وتابعتها “النعيم نيوز”.
في ظل تحولات خطيره وكبيره عاشها العراق وأدخلته في ظروف الحصار والجوع والقمع الداخلي المتزايد ، تصدى الشهيد السيد محمد محمدصادق الصدر للمرجعيه ولم يحسب أحد في حينه ان هذه المرجعيه ستخلق ظاهرة تحول كبيره وستقود جهدا تغييريا للواقع العراقي وستهز هذا الواقع من جذوره ومن ثم توجد أنماطا جديده من علاقة المرجع بالسياسه وعلاقته بالسلطه وعلاقة بالامه وإصلاحا حوزويا واجتماعيا بالشكل الذي حصل ن وبالاضافه الى ذلك تكتشف آليات اصلاح واليات تواصل ومنظومه مفاهيميه لم تكن سائده ومتعارفه ، وتشكل ابداعا ذاتيا وخصوصيات لتجربة مرجعيته ، وأضافت الى تجارب الفقيه الشيعي عبر التأريخ الثوري ، اضافات معرفيه وفقهيه واضحه ، معززه بسلوكية ثوريه ، وخيار “فقهي” استشهادي له خصوصيته ووضوحه ، ولم يكن هذا التوصيف ممكنا لمرجعية الشهيد محمدالصدر الا بعد تراكم سريع وربما غريب في سرعته لفعالية مرجعيته ميدانيه متسارعه ومتواصله وشموليه ومتكامله شقت طريقها وسط صعوبات بالغه ومتاعب جمه واشكالات واعتراضات عادة ماترافق المناهج الاصلاحيه المرجعيه ، التي تشكل هزات عنيفه لواقع راكد تحول الى مايشبه الثوابت التي لايمكن الخروج عليها ، خصوصا في بلد مثل العراق حكم الى نمطيه معينه من علاقة المرجع بالسياسه منذ ثورة العشرين . بعد هذه المقدمه القصيره نتطرق الى سيرة هذا الرجل العظيم الذي دخل التاريخ من اوسع ابوابه وأبى الا ان يسجل اسمه في صفحة القديسين والشهداء الذين روت دمائهم شجرة الاسلام المحمدي الاصيل .
السيره والمنهج العلمي :
ولد في 23 مارس 1943 في الكاظمية ونشأ في أسرةٍ دينية ضمّت علماء كبار منهم والده محمد صادق الصدر وجده لأمه آية الله العظمى محمد رضا آل ياسين وهو من المراجع المشهورين وتزوج من بنت عمه محمد جعفر الصدر ورزق بأربعة أولاد منها هم مصطفى ومرتضى ومؤمل ومقتدى , وهو من اسرة آلصدر معروفه بالفضل والتقى والعلم والعمل ومكارم الاخلاق ، وقد كانوا مشعلا للهدايه والنور ومركزا للزعامه والمرجعية الدينية ، تخرج الشهيد محمد الصدر من كلية اصول الفقه في النجف الاشرف في دورتها الاولى عام 1964 ميلاديه ، وكان من المتفوقين في دروسه الحوزويه كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ استاذه وابن عمه المرجع الشهيد محمدباقر الصدر الذي تزوج ثلاثه من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته . وباشر سماحته بتدريس الفه الاستدلالي ( الخارج) أول مره في عام 1978م ، وكانت مادة البحث آنذاك من ( المختصر النافع) للمحقق الحلي ، وبعد فتره باشر ثانيه بالقاء أبحاثه في الفقه والاصول ابحاث الخارج عام 1990م واستمر في ذلك متخذا من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسه وحصنا روحيا لأنه أقرب بقعه من جسد مولانا أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام . بذل الشهيد الصدر الثاني جهودا كبيره في بحوثه عن الامام المهدي المنتظر(عج) واصدر موسوعه بهذا الصدد قال عنها الشهيد الاول محمد باقر الصدر قدس الله نفسه الزكيه : { وساقتصر على هذا الموجز من الافكار تاركا التوسع فيها ومايرتبط بها من تفاصيل الى الكتاب القيم الذي امامنا ، فاننا بين يدي موسوعه جليله في الامام المنتظر عليه السلام وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الاعزاء وهو العلامه البحاثه السيد محمد الصدر- حفظه الله – وهي موسوعه لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي -عليه السلام – في احاطتها وشمولها لقضية الامام من كل جوانبها ، وفيها من سعة الافق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات ما يعبّر عن الجهود الجليله التي بذلها المؤلف في انجاز هذه الموسوعه الفريده ، واني احس بالسعاده وانا اشعر بما تملأه هذه الموسوعه من فراغ وتعبّر عنه من فضل ونباهه وألمعيه واسال الله المولى سبحانه وتعالى ان يقر عيني به ويريني فيه علما من أعلام الدين ) .
أساتذته
لقد درس قدس الله روحه عند الامام الخميني ، والشهيد محمد باقر الصدر ، وآية الله الخوئي ، وآية الله الحكيم وآخرين ، فنحن عندما نتجاوز المشترك الفقهي لهولاء الثلاثه رضوان الله تعالى عليهم ، يمكن لنا القول انه رحمة الله عليه استلهم الفكر الثوري من تجربة ودرس استاذه الامام العظيم الخميني قدس الله نفسه الزكيه ، واستلهم هم المشروع التغييري في العراق من تجربة ودروس ونظريات استاذه آية الله شهيد القرن محمدباقرالصدر رضوان الله تعالى عليه الذي يعد أكبر مفكر اسلامي في العصر الحديث ، ولذا يمكن القول ان الشهيد الصدر الثاني عليه الرحمه قد وظف بالاضافه الى قدراته الفقهيه التقليديه تجربتين في تجربته ،
التجربه الخمينه ، والتجربه الصدريه الاولى ، فهو توجه بكل جهوده الى الجانب الاصلاحي العملي الذي يحقق حضورا تغييريا في وسط الامه بعد ان لاحظ ان المرحله التي يمر بها العراق هي بحاجه الى المرجعيه الحاضره وسط الامه والى اصلاح الحوزه من جانب آخر والمتابع لحركة الشهيد يقرأ بوضوح التجربتين في عمله ونشاطه
مؤلفاته :
1 – ماوراء الفقه عشر اجزاء 2- موسوعة المهدي ثلاث أجزاء 3- فقه الاخلاق 4- نظرات اسلاميه في اعلان حقوق الانسان 5- القانون الاسلامي 6- اشعه من عقائد الاسلام 7- منهج الصالحين رساله عمليه 8- فلسفة الحج 9- بحث حول الرجعه 10- كلمه في البداء 11- حديث حول الكذب 12- فقه الموضوعات الحديثه 14- فقه الفضاء 15- منهج الاصول 16- اضواء على ثورة الامام الحسين 17- منة المنان في الدفاع عن القرآن يصل الى خمسين ج 18- مسائل في حرمة الغناء 19- التنجيم ولاسحر . هذا مختصر مفيد عن حياة شهيدنا الغالي الصدر ومن اراد ان يتوسع في ذلك وخصوصا في مشروعه التغييري فاليرجع الى كتاب الاستاذ عادل رؤوف مرجعية الميدان .
ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، عُرِفَ منذ صغره بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، خاصة النظام البعثي الصدامي المباد، وتجلى هذا التحدي بإقامته (قدس سره) صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم إقامتها بمختلف المحافظات، وهو تحد لم يشهد له مثيل في تاريخ العراق منذ حقب طويلة، اتخذ السيد الصدر من هذه الحركة الفريدة والنوعية منبراً لتوعية أبناء الأمة وكذلك لإشهار سخطه من السياسة المحلية والدولية.
ارتدى السيد (قدس سره) الزي الديني وهو في الحادية عشرة من عمره ودرس النحو على يد والده السيد محمد صادق الصدر ثم على يد السيد طالب الرفاعي وحسن طراد العاملي أحد علماء الدين في لبنان، ومن ثم أكمل بقية المقدمات على يد السيد محمد تقي الحكيم ومحمد تقي الأيرواني، وتخرج في الدورة الأولى من كلية الفقه عام 1964.
بدأ السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر بتدريس (البحث الخارج) في عام 1978 م وكانت مادة البحث التي يدرسها (المختصر النافع) للمحقق الحلي.
وأخذ السيد الشهيد يطرح أبحاثه في الفقه والأصول وأبحاث الخارج عام 1990 واستمر في ذلك متخذاً من مسجد (الرأس) الملاصق للصحن الحيدري مدرسة لتلك الأبحاث.
شارك السيد الصدر في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد النظام الصدامي وسرعان ما تم اعتقاله من قبل عناصر الأمن إذ تعرض جسده الطاهر إلى أبشع أنواع التعذيب.
وفي عام 1993 تصدى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر للمرجعية الدينية بعد وفاة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري، وسعى للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف فقام بخطوات عديدة أهمها إرسال المبلغين إلى أنحاء العراق كافة لتلبية حاجات المجتمع.
ادى السيد محمد صادق الصدر دوراً مهما في تاريخ العراق المعاصر، فقد أسهم وبفاعليه في تحريك أبناء الشعب العراقي و العربي و الإسلامي لتغيير الحكم القمعي و أللإنساني، من خلال مرجعيته الناطقة، و إحياء صلاة الجمعة المليونية والتي كانت ممنوعة على الشيعة، فلا يزال صداها يرسم أفق الحيـاة بمرافقها العامة، ولاسيما ما حصل في الانعطافة التي حـدثت في المرجعية (الناطقة) في النجف الأشرف، و الدور الذي لعبه السيد محمد الصدر في تغييـر واقع الشعب العراقي من خلال مرجعيته ((الناطقة)) لذا كان جديراً ان يرصد هذا الاسهام المهم في بحث، عمدنا فيه ان يكون اضافة للمكتبة البحثية الاكاديمية ولا يخفى أن سبب اختياري لدراسة المسيرة الجهادية لهذا الرجل، هو ذلك الكفن الذي كان يرتديه، في مسجد الكوفة، و الذي كان يعني الكثير في ظاهره و باطنه، كما قال السيد الصدر: ((من كان يريد الآخرة و الجنة فليرتدي كفنه مثلـي، ومن أراد الدنيا فليتنعم بحريرها)) اضافة الى ما نراه اليوم مـن توبة الشباب من الموبقات و التوجه إلى المساجد و عبادة الله الواحد الأحد، وهذا كله بفضل الله عز وجل ودور السيد محمد محمد صادق الصدر من خلال إقامته لصلاة الجمعة، و الفتاوى التي كان يصدرها.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين لاسيما الشباب، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، فأقدمت الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن باغتيال هذا العالم الرباني الكبير الذي وضع بصمة في ضمير الأمة ونقش على جبينها كلماته الثلاث المشهور( كلا كلا أميركا.. كلا كلا إسرائيل.. كلا كلا للشيطان) وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة الموافق التاسع عشر من شباط عام 1999 تعرض السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر لعملية ملاحقة من قبل سيارة مجهولة بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه السيدين الشهيدين مؤمل ومصطفى، فأطلقوا النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من
سيارتهم وبدأوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه فاستشهد السيد مؤمل فوراً، أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد تلقى جسده الطاهر رصاصات عدة، ولكنه بقي على قيد الحياة، وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل أزلام النظام المباد، أما السيد مصطفى فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى من قبل الأهالي وتوفى هناك متأثراً بجراحه.
وعلى إثر انتشار خبر استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر 1999 التي قاومها النظام البعثي وأجهزته بالقتل والاعتقالات والمطاردات.
فسلام على مرجع الأحرار والفقراء , ومن أحيا الجمعة , ولبس الأكفان , وقال لا بوجه اعتى الطغاة ورحمة الله وبركاته .
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز