أقيمت صلاة الجمعة بإمامة السيد حيدر العرداوي في جامع الجوادين (ع) في حي الإسكان مركز محافظة الديوانية.
وتطرق السيد العرداوي في الخطبة الأولى لصلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز”. “مستشهداً بالآية الكريمة قال تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّـهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ ( سورة آل عمران: 140)
إنَّ البيان الذي ذكره سماحة الشيخ المرجع اليعقوبي ( دام ظله) بعد استشهاد السيد حسن نصر الله. يحمل عدة دلالات مهمة، تتنوع بين التعبير عن الفخر والحزن العميق، وكذلك تسليط الضوء على دور الشهيد السيد نصر الله. في مقاومة الظلم والإرهاب, ويمكن ايجاز بعض هذه الدلالات:
1. الإشادة بالشخصية الاستثنائية للشهيد نصر الله:
إنَّ سماحة الشيخ المرجع اليعقوبي (دام ظله) يصف الشهيد بأنه شخصية فذة وشجاعة، ويعتبره رمزًا للثبات، والشجاعة، والصبر، والإخلاص في طاعة الله, هذه الصفات جعلت من الشهيد أكبر من أن يناله الموت بشكل عادي، ولكن السنة الإلهية في الموت جعلت من استشهاده شيئًا لا مفر منه, وبذلك، يشير البيان إلى أن السيد حسن نصر الله كان شخصية يتردد الموت في الاقتراب منها.
فالشخصيات الاستثنائية مثل الشهيد السيد حسن نصر الله ليست فقط أفرادًا بشرية، بل هي أدوات إلهية لتحقيق مشيئة الله في الأرض, هذه الشخصيات تتحمل مسؤولية حمل الرسالة الإلهية في مواجهة الطغيان، مما يعزز مفهوم “الاصطفاء” كأحد سنن الله في اختياره لمن يجاهدون في سبيله.
ويتجاوز الأمرُ الإعجاب الشخصي إلى كون هذه الشخصية تمثل ذروة تكامل النفس البشرية، التي تتحرر من قيود المادية وتنتقل إلى ساحة التضحية المطلقة، مما يجعل الموتَ ذاتَه يخضع لإرادتها.
2. تأطير استشهاده ضمن المشيئة الإلهية:
الاستشهاد هنا ليس مجرد حدث عادي، بل هو جزء من المشيئة الإلهية، حيث يتم اختيار بعض القادة والشخصيات الكبرى ليكونوا شهداء، وهذا تكريم لهم من الله تعالى, فاستشهاد السيد حسن نصر الله الله هو إتمام لأمنيته الكبرى في الجهاد في سبيل الله والوقوف مع المظلومين.
والاستشهاد يعكس مفهوم “الموت الإيجابي”، حيث أن الموت يتحول إلى جسر يربط بين الأرض والسماء، ويصبح الشهيد ذاته تجسيدًا لقوة الإرادة التي لا تخضع لقوانين الفناء المادية.
قال تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾, فالشهداء أحياء عند الله وهذا يؤكد أن استشهادهم جزء من مشيئته وحكمته.
3. القيمة الإنسانية والإسلامية للشهيد نصر الله:
إنَّ سماحة الشيخ اليعقوبي يسلط الضوء على أن الشهيد السيد حسن نصر الله الله كان مصدرًا للعزة والفخر للإسلام والمسلمين، وأن وجوده كان يبعث الطمأنينة للمظلومين والمحرومين. هذا التأطير يضع الشهيد في مكانة رفيعة حيث يمثل الوجه الإنساني والنبيل للإسلام في مقابل الحضارات المادية التي تخلق الأبطال الوهميين والمجرمين, وتقدمهم على أنَّهم قدوات.
4. تأثيره على الأعداء والمحبين:
من الملفت في البيان أن المرجع اليعقوبي يشير إلى أنَّ أعداءَ السيد نصر الله يقدرون شخصيته ويحترمونها، حتى لو كابروا وأظهروا الفرح بموته, وهذا يعكس اعترافًا ضمنيًا من قبل الأعداء بعظمة الشهيد واستقامته, وصدقه وهو خصم شريف كما يقولون, وقال سماحة الشيخ المرجع اليعقوبي في كلام سابق واصفاً السيد الشهيد حسن نصر الله: (إنَّ المصداقية التي يتمتع بها فضيلة السيد المجاهد حسن نصر الله اعترف بها العدو قبل الصديق ويصفونه انه اذا قال فعل واذا وعد وفى واذا هدد اخذ الاعداء تهديداته محمل الجد فيلقي الرعب في قلوبهم ويزيد من عزيمة وقوة المؤمنين المجاهدين وهذا عين ما اراده الله تبارك وتعالى حين حذّر المؤمنين من مخالفة افعالهم لأقوالهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3).وهذا ما أثلج صدور اتباع اهل البيت ورفع رؤوسهم ان تكون رموزهم السياسية على هذه الدرجة العالية من الصدق والمصداقية في حين ابتلي السياسيون في العالم بالكذب والمخاتلة والنفاق والفساد)( ).
5. الاستشهاد كتضحية لتحقيق العدالة الاجتماعية:
البيان ينظر إلى استشهاد السيد نصر الله ليس كفقدان، بل كجزء من مسار تاريخي حيث تتطلب الأمة دماءً طاهرة لاستيقاظها ونهضتها, والشهيد يُقدَّم كرمز للتضحية من أجل العدالة الاجتماعية, وهو امتداد لخط الأنبياء قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ (سورة الحديد:25).
6. التأكيد على النهج النبوي والإسلامي في التضحية:
إن سماحة الشيخ اليعقوبي يربط استشهاد السيد حسن نصر الله بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين، حيث يشير إلى أن الأمة دائمًا ما تحتاج إلى قدوات تضحي بحياتها لتُجدد العهد مع الله وتؤكد على القيم الإسلامية الأصيلة، مثل الحرية والعدالة. يُظهِر هذا الربط أن استشهاد نصر الله امتداد لمسار التضحية الذي اختاره أهل البيت، مما يمنح شهادته معنى أعمق وأبعد من مجرد موت شخصي، بل هو جزء من مسار إلهي يعزز مفاهيم الإيمان والجهاد, قال تعالى: ﴿ إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ (التوبة: 111) فالتضحية في النهج النبوي تتجاوز المفهوم العادي للفداء لتصبح “فعلًا وجوديًا”، حيث يُصبح الشهيد شاهدًا على الحق بدمه، ويعبر عن فلسفة الحياة التي تقوم على البذل والتضحية من أجل القيم الأسمى.
7. الاستشهاد كوسيلة لإيقاظ الأمة:
إنَّ سماحة الشيخ اليعقوبي يشير إلى أن الأمة تحتاج بين الحين والآخر إلى دماء زكية تستفز ضميرها وتدفعها للنهوض ضد الظلم والفساد, فاستشهاد القادة مثل السيد حسن نصر الله يُعتبَر نقطة تحول تسهم في إعادة إحياء روح الجهاد والتضحية في الأمة, فالتضحيات الكبرى تُعد بمثابة صفعة توقظ الأمم من سباتها، وتذكرها بأن الحق لا ينتصر إلا بالتضحيات الجسيمة.
8. التأكيد على أن الاستشهاد يعكس صدق الإيمان بالله:
إنَّ سماحة الشيخ اليعقوبي يستشهد بالآية الكريمة من سورة الأحزاب: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، ليؤكد أن الشهيد السيد حسن نصر الله كان من الرجال الذين أوفوا بعهدهم مع الله، وكان استشهاده تجسيدًا عمليًا لهذه الآية, وبهذا يبرز سماحة الشيخ أن الشهيد السيد نصر الله كان مثالاً حيًا للتضحية من أجل المبدأ، ويضعه في إطار الصدق مع الله الذي يُترجم إلى فعل وإيمان راسخ يتوج بالتضحية, فالاستشهاد يُعد شهادة على صدق العلاقة بين الشهيد وربه, وهو في الوقت نفسه يبرز مفهوم “القرار النهائي”. الشهيد يتخذ هذا القرار بإرادته، ليصبح تجسيدًا لمبدأ “الإيمان الحي”، حيث أن التضحية بالحياة تصبح التأكيد الأسمى على وجود معنى يتجاوز الموت.
9. استمرار المعركة بين الحق والباطل:
إنَّ سماحة الشيخ اليعقوبي يشير إلى أن الشهيد السيد حسن نصر الله كان قائدًا يمثل قيمًاً إسلامية وإنسانية رفيعة تتجسد في العدل والصدق والالتزام بالمبادئ, واستشهاده يأتي في إطار الصراع المستمر بين الحق والباطل، والذي لم ينتهِ، بل يستمر حتى بعد موته, وهذا يدلُّ على أنَّ استشهاد القادة العظماء لا ينهي المعركة، بل يدفع الأمة نحو مواصلة المسير لتحقيق أهدافها، ويُلهِم المحاربين للحق لمواصلة النضال ضد الظلم والطغيان, وهو يؤكد على أنَّ الالتزام ينبغي أن يكون بخط القائد لا بقائد الخط, قال تعالى: ﴿ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ﴾ ( سورة آل عمران: 144).
10. الحث على الاحتفاء بإنجازات الشهيد بدلًا من الحزن عليه:
وفي الختام، يدعو سماحة الشيخ اليعقوبي إلى النظر إلى استشهاد السيد حسن نصر الله ليس كمصيبة يجب أن يُحزن عليها، بل كفرصة للاحتفاء بمسيرته وإنجازاته, وهذه الدعوة تعزز فكرة أن الشهداء يجب أن يتم الاحتفاء بهم كرموز للأمل والقوة، وليس فقط كمصابين يُرثى لهم.
وأبرز البيان أن السيد حسن نصر الله ترك خلفه إرثًا عظيمًا من الانتصارات، ليس فقط في لبنان، بل في سوريا والعراق وفلسطين. مدرسته القيادية وشخصيته القيادية تمثل نموذجًا يحتذى به للقادة الناجحين المخلصين لأمتهم.
فالإرث الذي يتركه الشهيد ليس ماديًا فقط، بل هو “نور معنوي” يضيء دروب الأجيال القادمة. إرثه يتجلى في القيم والمبادئ التي تصبح جزءًا من وعي الأمة وشعورها بالمسؤولية, والإرث هنا يُفهم ضمن إطار الفكرة الخالدة التي يتحدث عنها الفلاسفة؛ حيث تصبح إنجازات الشهيد حسن نصر الله رمزًا للتحدي والخلود ضد الفناء المادي، إذ تبقى قيمه وأفكاره حية في ذاكرة الأمة..
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز