كتب قاسم موزان:
لم يعد الخطاب السياسي أو الفوائض اللسانية من أفواه بعض السياسيين في عتمة الأزمات يلقى قبولاً لدى الشارع العراقي المتخم بالمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فكل ما ينطق به صورة مرئية ناطقة من أشكال التسويفات لقضايا جوهرية بحاجة إلى حلول ناجعة لا تقبل التأخير أو التراخي في الإنجاز. وغالباً ما يتضمن ذلك الخطاب المتهالك رؤية حزبه الذي ينتمي إليه، فلا يحيد عن الحدود المسموح بها للتصريح ولو بوجهة نظر شخصية لنيل رضا المواطن البسيط الذي ما زال يحلم بحياة كريمة تسودها العدالة الاجتماعية. من دون تمييز أو تهميش وأنه ليس صوتاً مضموناً للانتخابات يرفع فيها صاحب الخطاب من رصيد أصواته.
يدرك العراقيون حجم المشكلات التي خلفتها سياسات النظام السابق وتدني الخدمات الأساسية. وأن المهمة صعبة للغاية للانتقال من الخراب العام على جميع المستويات. فضلاً عن تحديات الإرهاب القاسية على الساحة العراقية التي أسهمت كثيراً في تعميق الخراب والتوسع فيه. وكأنه مخطط سابق له بأساليب ممنهجة تقترب من القصدية في الانكسار والإحباط النفسيين.
ولكن هذا لا يبرر تخلي السياسيين عن مسؤولياتهم الوطنية وأحداث نقلات نوعية في البنية المجتمعية؟. إلا أن تلك الأزمات متتالية ولأخرى متناسلة من رحم الأولى التي تم تعويمها كما تعوم العملة النقدية التي تفقد قيمتها في أسواق التداول النقدي.
لكن هذه المرة في سوق المزايدات والصفقات السياسية وجعلها تتحرك بحرية مطلقة بلا حلول وتركن على الرفوف.
يكاد العراقي يفقد ثباته النفسي جراء تسطيح الوعي بوعود خادعة لقرب وضع الحلول المناسبة للأزمات والمشكلات الفنية الملحقة بها. ومنها سوء الخدمات المقدمة للمواطن ولعل أزمة الكهرباء الموروثة من النظام السابق تتصدر واجهة الأحداث لقساوة الصيف الحالي الحارق.
ولم تستطع الحكومات المتعاقبة تقويض المشكلة، واستغل ضعاف النفوس الأزمة بتفجير أبراج الطاقة الكهربائية ولا سيما في المناطق النائية. كل هذا من أجل استثمار الشجب الداخلي الذي بات معلناً. وهي رساله لئيمة مفادها عدم أهلية المسؤول في مهامه الموكلة إليه.
هذه المحاولات الخبيثة من قبل أعداء التغيير يجب أن يكون رد الفعل متماسكاً ودافعاً قوياً للنواب الذين سيخوضون الانتخابات المقبلة، في الشهر العاشر من هذا العام.
وتصويب أخطاء السنوات السابقة باستراتيجيات واضحة ومرنة مع المتغيرات والإضافات خلال مراحل التنفيذ. وعدم السماح لحيتان الفساد بالتوغل مرة أخرى إلى مفاصل المشاريع بصفقات مكشوفة. ستشكل إعاقة في العمل.
مواجهة الأزمات
مواجهة تعويم الأزمات يمكن أن يكون خياراً وطنياً واجتماعياً وثقافياً، لكنه ليس بعيداً عن التخطيط، والتنظيم. إذ تملك هذه الآليات مجسات تعديل البوصلة، والكشف عما تحمله تلك الأزمات من أخطار شتى، والتي ستنعكس بشكل أو بآخر على واقع الناس، وعلى حياتهم ومصالحهم، واحسب أن الذهاب باتجاه خطاب الموازنة هو ما ينبغي أن يكون فاعلاً في الوعي.
وفي السياق، وعلى وفق ما تتطلبه من إجراءات، ومنها النقد، والكشف وصناعة الرأي العام، إذ تجسد هذه الإجراءات خيارات عقلانية تتوافق مع الرغبة في التغيير. وفي الدفاع عن قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفي فضح التوجهات التي تريد تكريس الصراع الأهلي. وتعويق مسار التحول الاجتماعي، وإقامة الحكم الرشيد الذي يلبي طموحات الناس واحتياجاتهم.
فضلاً عن دوره في رفض تعويم الأزمات، وتحت أي يافطة أخرى قد تعيدنا إلى العنف وإلى إشاعة الجهل وإلى تحويل الدولة إلى بنية مغلقة. بعيداً عن قيم الحداثة والتنوير والعلم والتواصل مع العالم.
لقد بات واضحاً أن خيار التقدم، والرهان على المستقبل هو الأفق الذي ينبغي استشرافه. ليكون هو الإطار والمبنى والسياق الذي تنتظم فيه الفاعليات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وعلى أسس التخطيط والتنظيم الذي تعتمده الدول الحديثة التي تضع خدمة شعوبها على رأس أولوياتها.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية