مقالات

تسونامي الإعلانات الرقميَّة

نازك بدير

في أثناء تصفُّح المواقع الإخباريّة أو مراجعة البريد الالكتروني، وفي خلال متابعة منصّات مواقع التواصل الاجتماعي يتبيّن حجم” غزو” الإعلانات الرقميّة. وعلى الرّغم من تكلفتها الماديّة العالية مقارنة مع تلك التقليديّة، إلّا أنّ الشركات تزيد استثماراتها فيها نظرًا إلى قدرتها على تسويق العلامات التجاريّة والترويج لها.

تتسلّل الإعلانات ما بين الشقوق وتحاول اقتناص الفريسة، وليس من باب المغالاة القول إنّها أشبه ما تكون بالفايروس الذي يهاجم الجسد محاولًا الفتك به، وكلّما خفّت مناعته، تمكّن منه.

يفرض تسونامي الإعلاناتِ” المحتوى” أمام المتلقّي سواء أكان مهتمًّا به، أم غير مبالٍ، في محاولة تسويق العلامة التجاريّة (المدفوعة الدعاية). وإن لم يشترِ الأفراد سلعًا باهظة الثمن، لكن مجرّد تداولهم الحديث عنها، يُعدّ بمثابة إعلان مجاني لها. قد يتمّ الترويج للسياحة في المريخ عبر فيديوهات رقميّة حتّى لو لم يكن في نيّة المتلقي خوض التجربة في المستقبل، غير أنّ نشْر محتوى الإعلان وتفاصيله هو خدمة للشركات الدعائيّة.

أمّا بالنسبة إلى  Metaverse  بما أنّه عالم لا مركزي، فقد لا تتمكّن الشركات من السيطرة على المواقع الإعلانيّة. ويمكن للعلامة التجارية فيه الاطلاع على هويّتك على شكل صورة رمزيّة ثلاثيّة الأبعاد.

في عالمنا اليوم، نرى كلّ شقّ مزدحم بالشعارات؛ الأمر لا يقتصر على اللوحات الإعلانيّة، بل” تعدّاه إلى أجسادنا وأحلامنا”* المسكونة بها (ما بعد العولمة). أنّى تنقّلنا، ولو أغمضنا عيوننا، ستتداعى إلى الأذهان والمخيّلة طوائف من صور وفيديوهات وشعارات تدعو كذلك إلى مقاطعة الإعلانات وتجنّبها حفاظًا على الخصوصيّة، واحترامًا للقرارات الشخصيّة.

ولعلّ الوشم- على اختلاف شكله وحجمه وموضعه- لم يعد مجرّد تقليد أو سِمة للدلالة على الانتماء إلى قبيلة أو جماعة معيّنة (وإن كان لا يزال يعدّ جزءًا لا يتجزّأ من الهويّة الأمازيغيّة) أو تعويذة للحماية من صنوف الشرّ، بل صار في بعض الأحيان لونًا من ألوان الدعاية غير المباشرة.

ينهض الإعلان بوصفه فعلا مطاطيًّا مواربًا يظهر ويختفي. قد يتمكّن من التغيير والتّأثير بفعاليّة في الوعي الجمعي. لكن، ثمّة محتويات إعلانيّة (رقميّة أو تقليديّة) بعيدة من أن تكرّس لها حيّزًا في هذا الفضاء، فتنزلق، مع غيرها من المحتويات غير الإعلانيّة، إلى دائرة النسيان.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرامالنعيم نيوز

و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى