مقالات

تحوّل أدوار التنافس الانتخابي وتكامله عبر وسائل الإعلام

كتب د. محمد وليد صالح : تعد وسائل الاعلام حلقة الوصل بين الجمهور والنظام الحاكم، بوصفه صانعا للقرارات، وهي تسهم بدرجة كبيرة في إنجاح أو فشل النظام السياسي بوساطة الوظائف وأداء الأنشطة السياسية المختلفة.

وقد تعتمد فاعلية النخب السياسية عليها من أجل إبراز وجهات نظرهم وآرائهم للتأثير في الرأي العام، ومواجهة الأزمات والأحداث غير الطبيعية، سواء أكانت السياسية منها أم الاقتصادية أم العسكرية التي تمر بها المجتمعات، فضلاً عن أهميتها كمصدر أساس للبحث عن المعلومات التي ترقى إلى مستوى هذه الأحداث والأزمات، في إطار التنافس بين وسائل الإعلام لتقديمها.

فالتنافس بين المؤسسات السياسية أشبه ما يكون بصراع حقيقي على السلطة أحياناً لكنه محكوم بأُطر قانونية وثقافية، لعرض برامجها السياسية أم تقديم رؤية الكيان السياسي المستقبلية لشكل السلطة وامتيازاتها التي تعود على الجمهور، والتأثير في الرأي العام وصناعته، وفي هذا المجال يتم استثمار وسائل الإعلام وخدماتها، لتقديم التغطيات الإخبارية ومحتواها ومعالجتها، لتقوية مكانة المؤسسة السياسية ودعم مواقفها المحددة والواضحة والسياسات المقبولة جماهيرياً.
ولم يعد الإعلام الحديث مجرد أسلوب لنقل المعاني والأفكار وتقديم الخدمات الإخبارية والتعليمية والتثقيفية والترفيهية فحسب، بل أصبح ظاهرة بما تعنيه من الشمول والأهداف وتعددية الوظائف، التي يسعى لتحقيقها في عصر تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الرقمية، ولما يقدمه من خدمات في تطوير حياة المجتمعات وتنميتها، بهدف زيادة المعارف وتوسيعها ونقلها، فضلاً عن تعبئة الرأي العام في ما يتعلق بالقضايا، التي تتحكم في تطور الإنسان.

إذ يسهم في تجاوز الحدود السياسية بين الدول بفضل تطور تقانة المعلومات وتأسيس لحالة مقاربة مع العلوم الأخرى، من أجل بلورة فهم مشترك لظواهر الحياة المختلفة، ويأتي ذلك في إطار محاولة لتسليط الضوء على طبيعة العلاقة التفاعلية، التي تربط بين ممارسة وسائل الإعلام لدورها في العملية الإنتخابية.  إنَّ أهمية وسائل الإعلام في تمكين الجمهور في العملية الانتخابية عبر الحملات تتضح من مساعدة جمهور الناخبين والسماح لهم، لأن يكونوا مطّلعين بشكل جيد بشأن خياراتهم، وإتاحة الفرصة لمراقبة العملية الانتخابية في ما إذا كانت تجرى بصورة حرة ونزيهة، من طريق نقل التقارير الإعلامية حول الستراتيجيات الأساسية، التي تتبناها الكيانات السياسية للفوز بأصوات الناخبين، وهذا ما يطلق عليه اسم (القاعدة السياسية) أو (نواة التصويت)، فضلاً عن مدى النجاح في جذب قاعدة سياسية جديدة مساندة لكسب أصوات ناخبين آخرين.

إن التقارير والإعلانات التي تتناقلها وسائل الإعلام، وتبثها سواء أكانت الصحافة أم الإذاعة أم التلفاز أم صفحات التطبيقات الرقمية أصبحت ضرورية لإنجاح الحملات الإنتخابية، وفي بعض الدول تعتمد الكيانات السياسية على الزعماء والشخصيات البارزة لإبلاغ الجمهور عن كيفية التصويت، نحو مرشح ما في ظل الحرية الشخصية التي يتمتع بها الناخب بعملية التصويت.
وقد تهدف الستراتيجية الإعلامية الموجهة نحو الناخبين إلى التأثير في الجمهور، كي يصوتوا نتيجة لما يشاهدوه ويسمعوه ويقرأوه حول المرشح للانتخابات، فضلاً عن محاولة فهم ما الذي تحاول الكيانات السياسية أن تفعله أو تصل إليه عبر وسائل الإعلام المتعددة، التي تحتاج إلى إعداد برامج ووضوح في الرؤية ووعي يتجاوز العقد والمشكلات الاجتماعية.

إذ تتضمن أساليب التعبئة الجماهيرية للحملات الإنتخابية خطباً عدة وتجمعات حزبية وملتقيات ومؤتمرات صحافية، فضلاً عن الاعتماد على أساليب ممارسة العلاقات العامة وأنشطتها. وفي جميع هذه الحالات تقع على الإعلاميين مراعاة قيّم الموضوعية الإخبارية عند تناولهم لحدث ما، وأن يضمنوا قصصهم الإخبارية معلومات عن كلمات المرشح ورسم الأجواء الزمانية والمكانية والموضوعية التي ألقيت فيها الخطب، وكذلك ردود أفعال الجمهور العام وتعليقات الخصوم السياسيين، وكيف يمكن لهذه الخطب أن تؤثر في مسار عملية الإنتخابات.
وتعد استطلاعات الرأي العام ونتائجها جانباً كبيراً من تغطية الحملات الانتخابية لإعداد التقارير عنها، وقد تكون طرفاً معقداً بعض الشيء لاستكشاف آراء الجمهور حول الانتخابات وتقدير عدد من منهم يحملون الآراء نفسها، وفي بعض الدول تعتمد الكيانات السياسية على استطلاعات الرأي العام للتعرف على ما يفكر به الجمهور تجاه المرشحين في الحملة الانتخابية، وغالباً ما يتطلب الأمر تغيير سياساتهم وكلماتهم، استجابة لنتائج هذه الاستطلاعات بقصد التأثير على اتجاهات الناخبين.

وقد تركز مهمة استطلاعات الرأي العام بوصفها أسلوباً على معرفة اتجاهات الجمهور وآرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم، عندما تسود بين أفراد المجتمع عقيدة ما أو وجهة نظر معينة بالنسبة لموضوع ما، بالاعتماد على طريقتين الأولى (الاستفتاء)، أي الاستطلاع المباشر لرأي عينة من المجتمع، والأخرى (الملاحظة) أي الاستطلاع غير المباشر من طريق ملاحظة سلوك الجمهور وأحاديثهم وحركاتهم وانفعالاتهم وتحليلها.
وبإمكان استطلاعات الرأي العام أن تنقل أخباراً مثيرة عن الحملة الانتخابية وكشفها، لكنها لا تشمل سوى جزء ضيق من الصورة الكليّة، وأنها فقط تعبّر عن رأي الجمهور في الوقت الذي استطلعت فيه آرائهم، إذ إن آراء الجمهور قد تتغير تبعاً للظروف السائدة إذا ما عرفوا معلومات أو أخباراً جديدة في بضعة أيام قد تثير الكثير من الاهتمام والإنتباه وتؤثر في الناخبين بسهولة.

 

آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي:النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى