‘بلاد الرافدين تشكو الجفاف‘.. هل تعود الحياة للأهوار والأنهار مع موسم الشتاء
دق ناقوس الخطر بخصوص أزمة الجفاف العالمية، ففي ظل تأكيد تقارير باستمرارها، هناك إنذارات بتحولها إلى كارثة إنسانية على المدى المنظور.
والعراق أو “بلاد الرافدين” ليس بمنأى عن هذه الأزمة، فهو يعتبر من بين أكثر 5 دول عرضة لتأثيرات التغير المناخي، حيث بات يعاني من الجفاف والتصحر والعواصف الترابية، وتفاقم أزمة المياه.
مسببات الجفاف
أسباب الجفاف كثيرة ومن ضمنها غياب الخطط وإيجاد الحلول، فبحسب الناشط البيئي أحمد شاكر حنون، فإن تفاقم أزمة نقص المياه يعود إلى “عجز وزارة الموارد المائية عن تقديم الحلول، وغياب الخطط للحيلولة دون استمرار الكارثة”.
وأكد حنون، في تصريح لموقع “الجزيرة نت”، “عدم وجود مساع حقيقية وخطة مدروسة من شأنها أن تنقذ ما تبقى من الأهوار جنوبي البلاد، وغيرها من مناطق العراق المتضررة”.
ولفت، إلى أن “قلة الأمطار هي سبب رئيس آخر من أسباب الجفاف الحالي، وعدم الاستفادة من مياه الأمطار أو خزنها لمثل حالات كهذه بسبب قلة السدود”.
كما أن “الإدارات المتعاقبة لم تضع خطة خمسية أو عشرية لتجاوز الأزمة؛ لأنها تأتي للمنصب من أجل مغانم مادية فقط، ولا تعير أهمية حقيقية للشعب والوطن، لذلك تكون إدارة فاشلة بامتياز همها المحاصصة”، وفقاً لما صرح به الناشط البيئي.
السدود وإدارة الموارد المائية
“مشكلة المياه في العراق لها شقان، شق داخلي يتعلق بإدارة الموارد المائية، وآخر خارجي يتمثل في السدود المقامة في كل من تركيا وإيران وسوريا”، وفق ما أكده عضو لجنة الأمر الديواني الخاصة بمعالجة ملوحة الفرات في ذي قار، نجم عبد طارش الغزي.
وتابع الغزي، في حديثه لمواقع إخبارية، أن “مشكلة العراق في السابق كانت الفيضانات، لذلك أنشئت أنظمة الري وأقيمَ كثير من السدود بمسطحات مائية واسعة كالثرثار والرزازة والحبانية والأهوار وغيرها حتى تتبخر المياه الفائضة، ويتخلص منها”.
وعن إدارة الموارد المائية، شدد، على “أهمية إعادة النظر في فلسفة إدارة الموارد المائية بالعراق، من إدارة الفيضانات إلى إدارة شحة وإعادة تقييم نوعية السدود العراقية، حيث يعاني سد الموصل من مشاكل في أساساته ولا يمكن امتلاؤه”.
وأضاف الغزي، “كما يعاني سد حديثة وبحيرة الثرثار من مشكلة التبخر التي يفقد العراق 10 مليار متر مكعب من المياه بسببها سنوياً، وهو ما يعادل ثلث الموارد المائية البالغة نحو 34 مليار متر مكعب”.
وأكد، “ضرورة تكليف إدارة كفؤة تتمتع بنوع من الاستقلالية لإدارة الموارد المائية، واعتماد سياسة خارجية قوية للدفاع عن حقوق العراق من المياه، وتشكيل مجلس أعلى للمياه لاتخاذ القرارات المناسبة”.
الحد الثالث
أخطار الجفاف وصلت إلى حد صعوبة تأمين مياه الشرب، وهذا ما دفع وزارة الموارد المائية العراقية، أواخر أيلول الفائت، إلى التحذير من صعوبة تأمين مياه الشرب والسقي في الموسم المقبل، حال ارتفاع مستوى الجفاف إلى ما وصفته بـ “الحد الثالث”.
ووفقاً لما صرح به مدير المركز الوطني لإدارة الموارد المائية بالوزارة، حاتم حميد، فإنه “تم تخطيط الإطلاقات بشكل يضمن العدالة لجميع المحافظات، لتأمين أولوية للشرب ومياه سقي البساتين الزراعية، بنسبة 50%”.
وتابع، أنه “إضافة إلى الإطلاقات باتجاه الأهوار، لتأمين مياه الشرب والسقي”، مشيراً إلى أن “المياه المطلقة من نهر دجلة تجاه هور الحويزة لا تكفي سوى لسد مياه الشرب للسكان الذين يسكنون الأهوار، كما أن المياه محدودة في الخزانات ولا يمكن إطلاقها كلها، بالتالي من الضرورة استدامة المياه بالخزانات للموسم الشتوي المقبل”.
وأشار حميد، إلى أن “الموسم الحالي هو الثالث الذي نعاني فيه من الشح المائي، حيث إن الإطلاقات المائية أكثر من الإيرادات”، مبيّناً أن “هناك خطة استراتيجية لإدارة الجفاف”.
الأهوار تستغيث
منطقة الأهوار، الواقعة جنوبي العراق، لم تسلم من الجفاف، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض نسبة المياه في الأنهار، ومصادر التغذية، كما أنها أصبحت أمام تحد خطير، فقد سجل نزوح الكثير من الأسر من مناطق الأهوار، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك اللذين تأثّرا بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.
“أنقذوا أهوار العراق”
وخلال شهر آب/أغسطس الفائت، أطلق ناشطون ومدوّنون عراقيون، حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “أنقذوا أهوار العراق”.
ورأى الناشط البيئي محمد عباس، في تدوينة، أنّه “يتوجّب على الأمم المتحدة التدخّل في مثل هذه الظروف الخانقة وحلّ أزمة الأهوار الكبرى، لا سيّما أنّها مدرجة على قائمة التراث العالمي”.
ووصف عباس، الأزمة بأنّها “تقصير سياسي”، في إشارة إلى تعثّر الحكومة العراقية في إكمال مفاوضاتها مع الجانبَين التركي والإيراني، وتحقيق النتائج المرجوّة لرفع كميات المياه الواصلة إلى نهري دجلة والفرات.
الموارد تتحرك
نبّهت وزارة الموارد المائية، إلى خطورة استمرار تأثير الجفاف على الأهوار، حيث قال مدير مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة بالوزارة، حسين علي الكناني، في تصريح للوكالة الرسمية، إن “وزارة الموارد المائية، باشرت بتنفيذ أعمال خطة من أجل الحيلولة دون هجرة سكان الأهوار المحليين، لاسيما الصيادين ومربي المواشي والجاموس، للحفاظ على الثروة الحيوانية التي تراجعت وللأسف بسبب الجفاف”.
وبيّن، أن “الخطة تتضمن تعميق وتوسيع مغذيات أيمن نهر الفرات وأيسره، كي تكون بمساحة جديدة أطول وأكبر من السابق”، مضيفاً أن “تلك المغذيات ستصبح أنهاراً كبيرة تتغذى من أيمن وأيسر الفرات، لتغطي وبنسبة كبيرة من المياه لما يحتاجه سكان الأهوار الأصليين والمحليين المتمثلين بالصيادين الذين تكون لهم حرية الحركة، خلال ممارسة مهنتهم داخل هذه المغذيات”.
هجرة أعداد كبيرة
وأوضح الكناني، أن “الجفاف أدى الى هجرة أعداد كبيرة جداً من صيادي الأهوار، لاسيما مربي المواشي والجاموس، وتراجع الثروة الحيوانية بشكل كبير”، لافتاً إلى أن “مربي المواشي تحول استيطانهم من الأماكن التي شحت فيها المياه إلى ضفاف الأنهار والمغذيات”.
وفيما يخص الحلول، دعا، “وزارتي البيئة والزراعة إلى العمل على مواجهة أزمة الجفاف ودعم مربي الجاموس والمواشي، ومدها بالأعلاف الموجودة واللقاحات البيطرية حفاظاً على الثروة الحيوانية”، منوهاً إلى أن “هذه الثروة لها دور كبير ومردود إيجابي في إنعاش الأهوار والحركة الاقتصادية”.
تحسن جزئي
شهد الوضع في الأهوار تحسناً نسبياً نتيجة تحديد الإطلاقات المائية، هذا ما أكده مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب.
ولفت ذياب، إلى أن “هنالك تحسنا جزئياً في مناطق الأهوار، بعد تحديد كمية المياه المطلقة إلى محافظة ذي قار”، موضحاً أن “هور الجبايش يشهد ارتفاعاً نسبياً في المياه، والمطلوب أن تصل كميات أكبر للحفاظ عليه وعدم تدهور الأوضاع إلى الأسوأ”.
الاستقرار مرهون بالأمطار
حذر مستشار وزارة الموارد المائية، من أنه “إذا لم تكن هنالك أمطار خلال الشهر القادم فمن الصعب خلق حالة من الاستقرار في الأهوار”.
وأشار، إلى أن “هنالك أمراً إيجابياً يخص المياه التي وصلت إلى محافظة ذي قار، حيث انخفضت فيها نسبة الملوحة بشكل كبير بسبب تحويل مياه البزل إلى مبزل الفرات الشرقي “.
وأكد ذياب، أن “المياه في نهر الفرات تحسنت نوعيتها وانخفضت الملوحة فيها من 3 آلاف جزء بالمليون إلى 1800 جزء بالمليون”، منوهاً إلى أن “هذه الظاهرة إيجابية ونأمل أن تستمر في المستقبل، وتزداد خلال وفرة المياه في السنوات القادمة”.
تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة، كانت قد حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73%، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.
فيما تبلغ مساحة الأراضي المتصحرة في البلاد، ما يقارب 27 مليون دونم أي ما يعادل 15% تقريباً، وفقاً لإحصائية أوردتها وزارة الزراعة في مطلع تموز/يوليو المنصرم.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز