بإمامة فضيلة الشيخ جعفر الربيعي… ملخص خطبة صلاة الجمعة في كربلاء المقدسة
أقيمت صلاة الجمعة في مسجد جنات النعيم في كربلاء المقدسة بإمامة فضيلة الشيخ جعفر الربيعي
وكانت خطبة صلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز”. “في مسجد جنات النعيم في كربلاء المقدسة بإمامة فضيلة الشيخ جعفر الربيعي (أعزه الله تعالى) بتأريخ 2رجب 1446ه، الموافق3 /1/2025.”
وقال الشيخ جعفر الربيعي في خطبة صلاة الجمعة “بسم الله الرحمن الرحيمقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ورد في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام: “إنّ رجب شهر الله العظيم، وأنّه لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاُ”.
وأنّه موسم الدعاء والإستغفار والتوبة، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “رجب شهر الإستغفار لأمّتي، فأكثروا فيه الإستغفار فإنّه غفور رحيم، ويسمّى الرجب الأصب لأنّ الرحمة على أمّتي تُصَبُّ صبّاً فيه، فاستكثروا من قول “أستغفر الله وأسأله التوبة”. وعن ثواب الطاعة والعبادة فيه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).
“إنّ الله تعالى نَصَبَ في السماء السابعة ملكاً يُقال له (الداعي) فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلةٍ منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، يقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إليّ”. إذا كان المولى العلي القدير قد وهبنا في شهر رجب الخير والرحمة والهداية فلا بدّ من مبادلته سبحانه وتعالى بما يليق بحقّه علينا، ونعمه وفضله وجوده وكرمه وما وصلنا منه في هذا الشهر الكريم. وهذه المبادلة ليست مِنّة نتفضّل بها عليه تعالى، بل هي أقل ما يجب القيام به لنيل رضاه، والفوز بالنعيم الدائم والأبدي الذي وعد به عباده يوم القيامة. فما الذي يمكن أن نتصوّره من حقوق وتكاليف نؤدّيها للمولى تعالى؟ وما هي أهم الوظائف التي ينبغي للعبد القيام بها لأداء حقّ الطاعة وشكر المُنعم:
أوّلاً: الدعاء: يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. والدعاء عبادة يُمارسها الإنسان في جميع حالاته، وهو عبارة عن كلام المخلوق مع خالقه، ويُترجم عمق الصلة بين العبد وربّه، ويعكس حالة الإفتقار المتأصّلة في ذات الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، والإحساس العميق بالحاجة إليه والرغبة فيما عنده. وإذا كان الدعاء وسيلة العبد النيل ما عند الله تعالى، ومفتاحاً للوصول إلى ساحة رحمته فينبغي التوجه من خلاله بالقلب الصافي الذي لا يرى في الوجود غيره تعالى، ويتعهد له بأن لا يقارب المعصية والذنوب، ولذلك ينبغي أن لا يتوقع الداعي إستجابة الدعاء وهو مصرٌّ على المعصية، فكيف يتوقّع الخير وهو لا ينفكّ عن فعل الشرّ. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: “كان رجل من بني إسرائيل يدعو الله تعالى أن يرزقه غلاماً ثلاث سنين، فلمّا رأى أنّ الله لا يُجيبه قال: يا ربّ، أبعيد أنا منك فلا تسمعني، أم قريب فلا تجيبني؟ فأتاه آتٍ في منامه قال: إنّك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسانٍ بذيء وقلبٍ عاتٍ غير نقيّ، ونيّة غير صافية (صادقة)، فأقلع عن بذائك، وليتّق الله قَلبُكَ، ولتحسِّن نيّتك، ففعل الرجل ذلك عاماً فولد له غلام”. وروي عنه (عليه السلام): “ترك لقمة الحرام أحبّ إلى الله من صلاة ألفي ركعة تطوّعاً”.
ثانياً: الخشية من الله تعالى: إنّ استحضار عظمة الله تعالى في قلب المؤمن، والتفكّر بألآئه ونعمه، ومعرفة أهوال يوم القيامة وما ينتظر العباد فيه يورث الحزن والألم والخشية من الله سبحانه وتعالى، وشهر رجب الذي يحاول فيه الإنسان زيادة التواصل مع خالقه هو المضمار الحقيقي لخشية الله تعالى. روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث المناهي قال:”ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكلّ قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنّة، مكلّل بالدرّ والجوهر، فيه ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”.
ثالثا: ذكر الله تعالى: وهذا ما استفاضت فيه الأحاديث حول استحباب ذكر الله تعالى في هذا الشهر، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
رابعاً: القرب من الله تعالى: في شهر رجب الأصب يفتح الله أبواب الدعاء لعباده، ليكون محطّة ينتقل منها الإنسان من رجس الشيطان وإغوائه إلى رحاب الله تعالى، لذا كان من الوظائف التي يلزمنا القيام بها محاولة القرب منه تعالى.
الخطبة الثانية: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) إن من أكبر النعم على الإطلاق
هي نعمة الوجود المقدس للمعصومين(ع) في هذه النشأة، بدءاً بالنبي الخاتم (ص) وصولاً إلى الإمام المهدي المنتظر (عج)، وكونهم القادة الحقيقيين والولاة المنصبين من قبل الحق تعالى للارتقاء بمسيرة البشرية نحو الكمال الإنساني. وتوجد طريقتان للاستفادة من سيرة الأئمة (ع): الأولى: السيرة التفصيلية للإئمة (ع) من المهد إلى اللحد.
والثانية: نتعامل مع سيرتهم كشخص واحد مقدس عاش ما يقرب من (250)عاماً ولهذا الشخص عدة ادوار بحسب الظروف المختلفة التي عاشها هذا الإنسان الكامل من استلام الخلافة إلى الصلح والقتال في دور أخرى وعرض المفاهيم الرصينة من خلال الدعاء وبيان فلسفة الحقوق بشكل رائع واغتنام الفرصة وتأسيس قواعد مذهب أهل البيت (ع) والانتقال إلى المكاتبة بل المشافهة والاحتجاب عن الناس لتهيئة الذهنية الشيعية لفكرة غياب المعصوم القائد. أيّ إنسان يملك شيئاً من العقل والحكمة، ولا نقول يملك شيئاً من العصمة، تكون له تكتيكات ومواقف موضعيّة خاصّة خلال حركته البعيدة المدى، وقد يجد هذا الإنسان أنّه من الضروريّ أن يُسرِع في حركته تارةً، وأن يبطئ تارةً أخرى، أو حتّى أن يتراجع تراجعاً حكيماً في مواضع أخرى. والإنسان العاقل والحكيم والعارف سيرى في هذا التراجع، بالنظر إلى هدف هذا الإنسان، حركةً وتقدّماً نحو الأمام”.
الهدف والدور المشترك للأئمّة عليهم السلام؟
1- تربية الإنسان: ليس للأئمّة عليهم السلام هدف يغاير هدف الأنبياء عليهم السلام وبعثهم إلى البشر، فهم امتدادٌ لخطٍّ واحد هو خطّ السماء، لذا يقول الامام الخمينيّ قدس سره حول المهمّة الأساسيّة للأنبياء وهدف بعثاتهم: “إنّ هدف سعي الأنبياء وفكرة البعثة في جميع القرون هو تربية هذا الموجود (الإنسان)، هذا الموجود الذي يمثّل خلاصة جميع المخلوقات، وبإصلاحه يتمّ إصلاح العالم، وبفساده ينجرّ العالم إلى الفساد. إنّ سعي الأنبياء من البداية إلى النهاية هو دعوة هذا الموجود (الإنسان) إلى الصراط المستقيم وشدّه إليه، ليس بمجرد الهداية بالقول فقط، بل بجعل أنفسهم قدوة ومرشدين في العمل والأفعال والأقوال، من أجل إيصال هذا الموجود إلى كماله اللّائق به).
2- تأسيس الحكومة الإسلاميّة: بعدما تبيّن لنا أنّ المهمّة الأساسيّة والكليّة للأئمّة عليهم السلام هي تربية الإنسان، فإنّا لا بدّ من أن نبحث عن الطرق العمليّة والخطوات الفعليّة في عالم الدنيا التي ستحقّق ذلك الهدف، أي خطّة عمل الأئمّة عليهم السلام. وفي هذا السياق، وضع أئمّة الهدى عليهم السلام أولى تلك الخطوات في مسيرة تحقيق التكامل اللّامتناهي، والتي تبدأ من عالم الدنيا، متمثّلة في تطبيق أصل العدل في هذه النشأة، وذلك من خلال السعي الدؤوب لإقامة حكومة العدل الإلهيّ ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾، وهذا هو محور الهدف الذي سعى إليه الأنبياء على مرّ العصور أيضاً. فالبداية من هنا، من السعي لإقامة حكومة العدل، وتطبيق قوانين هذه الحكومة في الأرض. في بيان تفاصيل هذا الهدف،: “كان سعي الأئمّة عليهم السلام ومنذ وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتّى عام 62 هـ هو هدف إيجاد حكومة إلهيّة وتأسيسها في المجتمع…
ولا نستطيع أن نقول إنّ كلّ إمام كان بصدد تأسيس حكومة في زمانه وعصره، ولكنّ هدف كلّ إمام كان يتضمّن تأسيس حكومة إسلاميّة مستقبليّة” . وبملاحظة هذه الأمور، نستطيع أن نفهم المنهج العامّ لأئمّة أهل البيت (ع)، فنستخلص أنّه منهج ذو جانبين متلازمين: الأوّل يرتبط بالبعد العقائديّ، والثاني يرتبط بالبعد السياسيّ والاجتماعيّ للأحكام الشرعيّة وطرق تطبيقها في المجتمع. فقد كان الأئمّة عليهم السلام يوجّهون جهودهم ومساعيهم في الجانب الأوّل في نشر مفاهيم الرسالة وبلورتها وترسيخها، والكشف عن الانحرافات التي تصدر عن المغرضين والمنحرفين، وبيان الأطروحة الإسلاميّة الصحيحة والمتينة، وتلبية ما يستجدّ من أمور على الصعيدين الفكريّ والفقهيّ، وإحياء ما اندثر من معالم الرسالة، وبيان القرآن وتفسيره وتأويله… فكانت خلاصة جهودهم عليهم السلام فيما يخصّ الجانب الأوّل هي صيانة الرسالة الإسلاميّة.
3- حفظ الرسالة: عمل أئمّة أهل البيت (ع) جاهدين في سبيل تحقيق الأهداف التفصيليّة التي أشرنا إليها، فبذلوا في ميدان حفظ الرسالة الغالي والنفيس.
وكثيرة هي المواقف والأحداث التي صدرت عن الأئمّة (ع)، والتي كانت تمثّل تجلّياً عمليّاً وتكتيكاً تفصيليّاً لهذا الجانب. يقول السيّد محمّد باقر الصدر قدس سره في هذا الصدد: “كلّنا يعلم أنّ الرسالة الإسلاميّة، بوصفها رسالة عقائديّة، قد خطّطت لحماية نفسها من الانحراف، وضمان نجاح التجربة خلال تطبيقها على مرّ الزمن، فأوكل أمر صيانة التجربة وتحويلها وتوجيهها سياسيّاً إلى الأئمّة عليهم السلام بوصفهم أشخاصاً عقائديّين، بلغوا في مستواهم العقائديّ درجة العصمة من الانحراف والزلل والخطإ…”.وعليه، “فالأئمّة (ع).
على الرغم من إقصائهم عن مجال الحكم، كانوا يتحمّلون باستمرار مسؤوليّتهم والحفاظ على الرسالة .
4- رعاية القاعدة الشعبيّة: حازت القاعدة الشعبيّة للأئمّة عليهم السلام، ولا سيّما الشيعة منهم، اهتماماً كبيراً ورعايةً شديدةً من قِبل الأئمّة عليهم السلام، وقد مثّل مبدأ رعاية الشيعة وتربيتهم التكتيك العمليّ الذي يؤسّس لهدف الإمام المعصوم عليه السلام الأهمّ، ولا سيّما في الجانب السياسيّ الاجتماعيّ، فكانت رعاية الشيعة خصوصاً تجلّياً لهذا الجانب.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز