أقيمت خطبتا صلاة جمعة في محافظة الديوانية بقضاء السنية بجامع الإمام موسى الكاظم ( ع ) ليوم ٢٥ / ١٠ /٢٠٢٤م , الموافق ٢١ ربيع الثاني ١٤٤٦هج , بإمامة فضيلة الشيخ مؤيد الشافعي
وكانت الخطبة الأولى من صلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز”. بعنوان الخطبة : (تكليف المؤمن في زمن الغيبة )
كثيراً ما يسأل الإنسان الموالي نفسه عن تكليفه وواجبه في عصر غَيبة الإمام المهدي(عج)، وعن فضل الموالين زمن الانتظار على غيرهم من الناس، وجواب هذا السؤال وإن غاب عن أذهان كثير من الناس، إلا أن أهل البيت (ع) لم يتركوا هذا السؤال من غير إجابة، فأحاديثهم الشريفة ورواياتهم المطهرة ذكرت وبشكل مفصل مجموعة من الوظائف لابد للمكلف من الالتزام بها والعمل بمقتضاها، ونحن فيما يلي نذكر جملة من هذه الوظائف مقتصرين على المهّم منها
الوظيفة الأولى: انتظار الفرج:
أكدت الروايات الشريفة للمعصومين (ع) على أهمية وضرورة انتظار الفرج من قبل الموالين، وعدم اليأس، وقد عُدّ الانتظار في بعض الأحاديث من أفضل العبادات، فعن أمير المؤمنين (ع) قال: قال رسول الله (ص): «أفضل العبادة انتظار الفرج».
وعن أمير المؤمنين(ع) انه قال : «انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظار الفرج».
كما واعتبرت أحاديث أخرى المنتظرين لفرج إمامهم المهدي (عج) أفضل أهل كل زمان، حتى أفضل من الذين عاشوا مع النبي الأعظم (ص) وصحبوه، فعن علي بن الحسين (ع) قال:
«تمتد الغَيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (ص) والأئمة بعده، يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته، المنتظرين لظهوره أفضل أهل كلّ زمان؛ لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغَيبة عندهم بمنـزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنـزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (ص) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً..».
هل مجرد الانتظار يكفي لتحصيل كل هذا الأجر؟
إن مجرد الانتظار لا يكفي لوحده في تحصيل جميع تلك الامتيازات السابقة، بل لابد من العمل والورع والتقوى وهذا ما ورد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: «من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدّوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة».
فينبغي على المؤمن وفقا لهذا الحديث الشريف أن يتصف بصفات أهل الإيمان قولاً وفعلاً، كما ورد ذلك في كثير من الروايات، والتي منها: قال رجل للحسين بن علي (ع):
يا ابن رسول الله أنا من شيعتكم، قال (ع): «اتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم».
وعن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (ع): «إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر».
الوظيفة الثانية: عدم التقصير في خدمته (عج):
عن خلاد بن الصفار، قال: سُئل الإمام الصادق (ع): هل ولد القائم؟، فقال (ع): « لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي».
تأمّل أيّها المؤمن كيف يُجلّ الإمام الصادق (عليه السلام) الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإن لم تكن خادماً له فلا أقلّ لا تُحِزن قلبه ليلاً ونهاراً بسيئاتك، ومن ابرز مصاديق خدمة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو الدعوة له، وذكر فضائله، ونشر تعاليمه وأهدافه، حتى يتعرف الناس على إمامهم، ويشعَّ نور الحب والولاء له في قلوبهم.
الوظيفة الثالثة: تحبيبه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى الناس:
روى الكليني عن الإمام الصادق (ع)، قال: «رَحِم اللهُ عبداً حَبَّبنا إلى الناس، ولم يُبَغِّضنا إليهم، أمَا واللهِ لو يَروونَ مَحاسنَ كلامنا لكانوا به أعزّ، وما استطاع أحد أن يتعلّق عليهم بشيء، ولكنّ أحدهم يسمع الكلمة فيحطّ إليها عَشراً». وعن أبي عبد الله الصادق (ع)، قال: «…رَحم اللهُ عبداً اجترّ مودّةَ الناس إلينا، فحدَّثَهم بما يعرفون، وترَكَ ما يُنكرون».
الوظيفة الرابعة: الحزن لفِراقه (عج):
عن عيسى بن أبي منصور قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: «نَفَسُ المهموم لنا المغتمّ لظلمنا تسبيح، وهمّه لأمرنا عبادة، وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله»، قال لي محمد بن سعيد: اكتب هذا بالذهب، فما كتبت شيئا أحسن منه.
الوظيفة الخامسة: التصدّق عنه (ع):
من علامات مودّة المؤمن لإمامه (عج) أن يتصدّق نيابة عنه، وقد ورد عن الأئمّة المعصومين (ع) مدحُ التصدّق عن سائر المؤمنين، ومما لا شك فيه أن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أفضل المؤمنين فيكون التصدق عنه أفضل وأولى، فعن علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي إبراهيم (الكاظم) (ع): أحجّ وأصلي وأتصدق عن الأحياء والأموات من قرابتي وأصحابي؟ قال (ع): «نعم، تصدق عنه، وصلَّ عنه، ولك أجر بصلتك إياه».
وروى الكليني في الكافي عن الإمام الصادق (ع)، قال: «ما يمنعُ الرجلَ منكم أن يَبرَّ والدَيهِ حَيّين ومَيّتَين، يصلّي عنهما، ويتصدّق عنهما، ويحجّ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مِثلُ ذلك، فيزيده اللهُ ببِرّه وصِلَته خيراً كثيراً».
الوظيفة السادسة : الاقتداء والتأسّي بأخلاقه وأعماله (عج):
حقيقة الائتمام هي أن يقتدي المؤمن بإمامه (ع) ويتأسى بأخلاقه وأعماله فيما يَقدِر عليه بحَسْب حاله، وبه يحصل كمالُ الإيمان وتمام موالاة الإمام، وقد جاء في كتاب الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى عثمان بن حُنَيف عامله على البصرة: «ألا وإنّ لكلّ مأمومٍ إماماً يقتدي به ويستضيء بنور عِلمه». وروى الكليني عن الإمام زين العابدين (ع)، قال: «لا حَسَب لقرشيّ ولا لعربيّ إلاّ بتواضع، ولا كرم إلاّ بتقوى، ولا عمل إلاّ بالنيّة، ولا عِبادة إلاّ بالتفقُّه، ألا وإنّ أبغض الناس إلى الله مَن يقتدي بسُنّة إمامٍ ولا يقتدي بأعماله».
والمراد من كلامه (ع) أنّ أبغض الناس إلى الله مَن يكون على طريقة الإمام فيُقرّ بإمامته وولايته وهو مع ذلك يُخالفه في الأعمال والأخلاق، لأنّه إذا خالف إمامه في أعماله وأخلاقه كان شَيناً على الإمام وسبباً لطعن الأعداء عليه، عن الإمام الصادق (ع)، قال: « إنّا لا نَعُدّ الرجلَ مؤمناً حتّى يكون لجميع أمرنا مُتّبِعاً ومريداً، ألا ومِن اتّباع أمرنا وإرادته الوَرَع، فتزَيَّنوا به رحمكم اللهُ تعالى، وكيدوا أعداءنا به يُنعِشْكم الله».
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز