اخبار اسلامية
أخر الأخبار

بإمامة الشيخ حسين المندلاوي.. خطبتا صلاة الجمعة بمسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين

أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين\ منطقة علي مراد، بإمامة الشيخ حسين المندلاوي.وحضور جمع مبارك من الإخوة المؤمنين.

وكان محور الخطبتين تحت عنوان (ذكرى استشهاد علي ” ع ” تكليف حفظ الإسلام ونصرة الحق)، وتابعتهما “النعيم نيوز”:

[نعيش في هذه الأيّام] ذكرى من أقسى ما مرّت على المسلمين من الذّكريات بعد وفاة رسول الله (ص)، وهي ذكرى استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)، حيث برز إليه عبد الرَّحمن بن ملجم، وهو يؤدّي الصَّلاة في محراب مسجد الكوفة، وضربه على رأسه وهو بين يدي ربِّه، وصاح عليّ (ع): “بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله، فزت وربِّ الكعبة” .

وكما أطلق (ع) آخر صوت بين يدي الله في المسجد، كذلك كانت حياته كلّها سجوداً لله في مواقع السّجود على الأرض، وسجوداً لله في جهاده وعطائه، وفي مواقفه، وفي رعايته للإسلام والمسلمين، وفي تحمّله كلَّ الصِّعاب من أجل الإسلام والمسلمين.

لقد كان عليّ (ع) الإنسان الّذي لم يفهمه العالم كما هو حتَّى الآن، ولذلك، فإنَّنا لا نستطيع أن نجري مقارنة بين عليّ وبين أيّ شخص آخر، لأنَّ عليّاً (ع) تكمن عظمته في معرفته بالله وحبّه له، وفي معرفته لرسول الله (ص) وحبّه له، وفي معرفته بالإسلام وجهاده في سبيله، وفي كلّ حركة المسؤوليّة التي عاشها في حياته، وفي فكره الَّذي لا يزال العالم بالرغم من كلّ تقدّمه وتطوّره الفكري، يشعر بأنَّ عليه أن يتعلم من عليّ (ع) الكثير، كما لو كان عليّ (ع) يعيش في هذا العصر، لأنَّ فكره لا يختلف فيه عصر عن عصر، لأنّه فكر الحقيقة، وفكر الحقيقة للحياة كلّها.

ولذلك، من حقّ عليّ (ع) علينا أن ندرسه وأن نفهمه وأن نقتدي به، وأن لا ندخله في كل العصبيات التي يستهلكها الناس، وفي كل الطائفيات والمذهبيات التي يجترونها، فعليّ فوق ذلك كله… وقد كان عليّ (ع) يعيش مع النَّاس، ولكنه كان في عيشه معهم يرتفع إلى الله دائماً، فيفكر فيهم من خلال الله لا من خلال نفسه، كان لا يريد الناس لنفسه، ولذلك قال لهم: “ليس أمري وأمركم واحداً؛ إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم” ، وكان مع الحقّ في الله، ومع الحقّ في رسول الله، ومع الحقّ في الإسلام، ومع الحقّ في إدارة شؤون الناس، وقد قال رسول الله (ص): “عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، يدور معه حيثما دار” .

ولذلك، في ذكرى عليّ (ع)، ينبغي لنا أن نكون مع الحق، أن لا نكون مع الباطل، مهما أغرانا الباطل بماله، وبسلطته وبعصبيَّته، لأنَّ الباطل سوف يزول في الدنيا قبل الآخرة، وسيبقى الحقّ، ذلك بأنّ الله هو الحقّ، وأنَّ ما يدعون من دونه هو الباطل.

إذاً، لا بدَّ لنا أن نكون مع الحقّ، لأنَّ ذلك هو الذي يقرِّبنا إلى الله، وهو الَّذي يجعلنا من الأتباع الحقيقيّين لمحمّد وعليّ والصفوة الطيّبة من أهل بيته، وهذا ما لاحظناه في وصيَّة عليّ في آخر لحظات حياته، فيما ينقله الشّريف الرضيّ في “نهج البلاغة”، من كلام له قاله في هذه الأيام الثلاثة التي كان ينزف فيها ويحتضر، وأراد أحد أصحابه أن يدخل عليه، فمنعه أهله من ذلك، ولكنَّه بعد أن صرخ وبكى أذن له، فوجده كما قال (الأصبغ بن نباته): “فإذا هو مستند معصوب الرأس بعصابة صفراء، قد نزف دمه واصفرّ وجهه، فما أدري أوجهه أشدّ اصفراراً أم العمامة، فأقبلت عليه، فقبَّلته وبكيت، فقال لي: “لا تبك يا أصبغ، فإنّها والله الجنَّة. فقلت له: جعلت فداك، إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنَّما أبكي لفقداني إيَّاك يا أمير المؤمنين” .

وينقل عن أحد أصحابه، وهو (صعصعة بن صلحان العبدي)، أنه استأذن على عليّ، فلم يؤذن له لشدَّة حالة الإمام، فقال صعصعة للآذن: “قل له يرحمك الله يا أمير المؤمنين حياً وميتاً، فلقد كان الله في صدرك عظيماً، ولقد كنت بذات الله عليماً. فبلّغه الآذن بعد أن نقل الكلام للإمام، فقال: قل له: وأنت يرحمك الله، لقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة” … وفي وصيَّة أخرى له: “أنا بالأمس صاحبكم، واليوم عبرة لكم، وغداً مفارقكم، إن أبق فأنا وليّ دمي – أنا المسؤول عن دمي – وإن أفن فالفناء ميعادي – لأنَّ كلَّ نفس ذائقة الموت – وإن أعف فالعفو لي قربة وهو لكم حسنة. فاعفوا، ألا تحبّون أن يغفر الله لكم، والله ما فجأني من الموت واردٌ كرهته، ولا طالعٌ أنكرته، وما كنت إلَّا كقارب ورد وطالب وجد، وما عند الله خير للأبرار” .

درس حركي من كلمة أمير المؤمنين (ع) (فزت ورب الكعبة)

عندما وقع أمير المؤمنين (ع) في محراب الشهادة في مسجد الكوفة مضمخاً بدمه الشريف فقال (فزتُ ورب الكعبة ) كان(ع) يريد انه فاز ببلوغه المقام المحمود الذي وعده الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) أوانه فاز بلقاء الله تعالى و رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله)  والزهراء (صلوات الله عليها)، وفاز لأنه نجح في الامتحان وأنهى كل حياته على الاستقامة التي أرادها الله تبارك وتعالى ورسوله (ص) وغيرها من المعاني.

ولكننا ألان نريد أن نبين وجهاً آخر لهذه الكلمة الشريفة، نستفيد منه في العمل الحركي الإسلامي، ومن هذا الوجه ننطلق لفهم موقف الإمام الحسن (ع) مع معاوية مما سمي صلحاً أو هدنة أو غيرها.

وبيان هذا الوجه يحتاج إلى مقدمة ملخصها: إننا نعتقد أن الإمام المعصوم (ع) أولى من الناس بأنفسهم وأموالهم، وان ولاية أمر الأمة ثابتة له (ع) واقعاً سواء قام بالأمر أو قعد عنه لمانع ما، ولذا ورد في الحديث النبوي الشريف ( الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا).

ولأن ولاية أمر الأمة ممارسه عملية واسعة تدير شؤون الحياة بكل تفاصيلها فإنها تحتاج إلى مؤازرة ونصرة، وقدرة لدى الأنصار على تحمل المسؤوليات على مختلف مستوياتها كالعسكرية، و السياسية، والاقتصادية، و الإدارية، و الفكرية، والإعلامية، و الاجتماعية، وغيرها، وما لم يجد الإمام العدد الكافي من القادرين على النهوض بمفاصل المشروع المخلصين له و المطيعين لأوامره، فإنه لا يتحرك بمشروعه في ولاية أمر الأمة وإدارة شؤونها مع انه حق حصري به، خوفاً على الرسالة من الفشل و الضياع وتعريضها لضربةٍ قاضيةٍ من الأعداء.

لذا نعتقد إن عرض الأمة نصرتها الصادقة للمعصوم (ع) وقناعته بقدرتها على تحمل المسؤولية شرط ومقدمة لإعمال المعصوم هذا الحق وتنفيذه على الأرض، والشاهد على ذلك أن رسول الله (ص) لم يقم دولته المباركة ويمارس صلاحياته في سياسة أمر الأمة في مكة بل في المدينة المنورة بعد أن بايعه أهلها في العقبة الأولى و الثانية واشترط عليهم أن ينصروه ويحموه كما يحمون نسائهم وأموالهم.

ولما لم يجد أمير المؤمنين (ع) عدداً كافياً من الأنصار بعد وفاة رسول الله (ص) اعتزل أمر الناس وتركهم لما أرادوا فانقلبوا على أعقابهم مع الاستمرار في وظائف الإمامة الأخرى.

ولما وجد الأنصار بعد مقتل الثالث وانثال الناس عليه بالبيعة نهض بالأمر وولي أمر الأمة، وقال (ع) في خطبته الشقشقية (أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما اخذ الله على العلماء ألاّ يقارّوا على كظّةِ ظالم، ولا سَغَبِ مظلوم، لألقيت حَبلها على غاربها، ولسقيتُ آخرها بكأس أَوّلِها، وألفيتم دنياكُم هذه ازهد عندي من عفطَة عنز ).

وقد ورد في عدة روايات أن الأصحاب كانوا يطلبون من الأئمة (ع) القيام بالأمر خصوصاً في فترة الإمام الصادق (ع)، وكان الإمام (ع) يُرجع السبب إلى قلة الأنصار، وهو لا يعني بالضرورة قلة عدد الأصحاب والمضحين، وإنما قد يكون لقلة الأصحاب القادرين على النهوض بمسؤولية بناء الدولة وتطبيق شريعة الله تعالى في كل مفاصل الحياة، وولاية شؤون الأمة، ولذا لم يصح مقايسة الأمر مع نهضة الإمام الحسين (ع) لان النتائج المطلوبة من الحركتين مختلفة و البحث عميق.

وهذا الشرط كما هو ملاحظ في بداية النهوض بالأمر، كذلك هو مطلوب لاستدامة التصدي، فمتى ما شعرت القيادة الدينية إن الأمة قد تغيرت، وأنها لا تريد هذه القيادة وهذا النظام، ولم تعد مستعدة للدفاع عنهما ونصرتهما، بسبب شقوتها وسوء اختيارها ولانسياقها وراء الشهوات وحب الدنيا والإخلاد إلى الأرض وتزيين الشيطان وتضليل الأعداء، فإن الإمام و القائد يعيد إليها أمرها وليتولاه من تشاء إن كانت لها أراده، أو يتولاها من يقهر إرادتها ويتسلط عليها بالقوة.

هذا النكوص و الانقلاب على الأعقاب عاشته الأمة في النصف الثاني من خلافة أمير المؤمنين (ع) بعد أن تثاقلت إلى الأرض وأصغت إلى المرجفين، وبعد أن استشهد خيارها وصلحاؤها كعمار بن ياسر وذي الشهادتين وابن التيّهان ومالك الأشتر ونظرائهم، وخَفَتَ بريق الحماس و الوهج الذي استُقبِلت به حكومة أمير المؤمنين (ع)، وتقوضت أطراف دولته المباركة وانحسرت سلطته حتى حوصر في الكوفة وسط مجتمع متباين مشكك متردد متخاذل، فمن خطبةً له (ع) لما تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن، فقال (ع) موبخاً أصحابه لتثاقلهم عن الجهاد ( ما هي إلا الكوفة: اقبضها وابسطها، وان لم تكوني إلا أنت تهًبُّ أعاصيرك فقبحكِ الله )([2]).

وكان هذا الخط التنازلي لطاعة الأمة وصلاحها مستمراً بالهبوط والانحدار، وانه سيصل في لحظة ما إلى الانهيار قال (ع) في نفس الخطبة ( وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحق، وطاعِتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم).

ولو وصلوا إلى تلك النقطة، فلا يكون أمام أمير المؤمنين (ع) إلا إرجاع أمرهم إليهم وفك الميثاق الغليظ بينه وبينهم بعد أن نكلوا بواجباتهم، وهذا يعني تسلط معاوية على الأمة لأنه متربص بالأمر وأعدَّ له عُدتهَّ من الأموال و الجيوش و المعدات و الإعلام المضلِّل و الدعاوى المقدسة لنفسه – ككونه خال المؤمنين و المطالب بدم الخليفة المقتول عثمان-، وهذا ما كان يخشاه أمير المؤمنين (ع) على الأمة، ويدعو الله تبارك وتعالى أن لا يريه هذا الموقف ففي نفس الخطبة قال (ع) ( اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأَبدلِهم بي شراً مني).

وهذا الدعاء منه (ع) ليس فراراً من تحمل أي ذلة ومهانة ظاهرية في سبيل الله تعالى لأنه (ع) كان مستعداً لتحمل أي شيء في طاعة الله تعالى كما صبر على عدوان القوم على بضعة المصطفى (ص) فاطمة الزهراء (ع) نصب عينيه، وإنما لان قيامه (ع) هو شخصياً بهذا الموقف يعرض الإسلام و التشيع إلى خطر جسيم.

وقد حقق الله تعالى له (ع)  أمنيته واستجاب دعائه فرزقه الشهادة قبل أن يبتلى بهذا الموقف، فقوله (ع) ( فزت ورب الكعبة ) أي نجوت بفضل الله تبارك وتعالى من هذا البلاء العظيم، ولم أبقى إلى اليوم الذي أرى فيه معاوية يتحكم بأمور المسلمين، وهو (ع) يرى الموت أهون عليه من رؤية فعل من أفعال معاوية فكيف يطيق تسلطه على رقاب المسلمين، فمن خطبة له (ع) لما أغارت خيل معاوية على الأنبار وقتلوا وسلبوا وعادوا إلى أهلهم سالمين قال (ع) (فلو إن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوماً، بل كان به عندي جديرا) ولذلك، أيها الأحبَّة، علينا ونحن نعيش ذكرى عليّ (ع) في هذا اليوم الَّذي استقبل به ربَّه في مسجد الكوفة، أن نرتفع إلى مستوى عليّ (ع)، أن نحفظ الإسلام كما حفظه، وأن نخلص لله ولرسوله كما أخلص لهما، وأن يكون رضى الله كلّ همنا، وأن نبتعد عن كلّ العصبيّات والحساسيات، لأنه يريد للذين يلتزمون خطه ويسيرون مع، أن يكونوا في مستوى المسؤوليَّة، أن يعيش المؤمن أخوَّة المؤمن، وأن يهتمَّ بما يصيب المؤمن الآخر. ابتعدوا عن كلّ ما يفرقكم، ابتعدوا عن كلّ عصبيّاتكم، ولا سيّما في هذا الشَّهر المبارك الذي أراده الله أن يكون شهراً للمغفرة والرَّحمة، يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا.

فتعالوا ليغفر بعضنا لبعض، وليرحم بعضنا بعضاً، ولنرحم الواقع الصعب الذي نعيشه، فلا نثقله بكلّ ما لدينا من عصبيّات طائفية ومذهبية وحزبية، تعالوا نرتفع إلى الله لنطلب رضاه، ولا شيء إلَّا رضاه، لنحبّه كما أحبّه عليّ (ع)… تعالوا لنسير مع عليّ إلى الله، لنكون القريبين إليه تعالى…

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى