اخبار اسلامية
أخر الأخبار

بإمامة الشيخ حسين المندلاوي.. إقامة صلاة الجمعة المباركة في خانقين

أقيمت صلاة الجمعة المباركة بمسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين\منطقة علي مراد، بإمامة الشيخ حسين المندلاوي، وبحضور جمع مبارك من المؤمنين.

وكانت الخطبة بعنوان: (عيد الغدير الأغر عيد الله الأعظم)، وتابعتها “النعيم نيوز”، وفيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة:67)

كل آيات القرآن عظيمة وجليلة، وهذه الآية من أعظم الآيات القرآنية وأجلها قدراً لأنها أسست لمستقبل الإسلام بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وخلوده وحفظته وصانته من الانحراف والتشويه في أهم منعطف ومفصل تاريخي بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وغياب شخصه عن مسرح الحياة.

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) أمر متوجه إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) وخوطب بهذا العنوان بصفته حامل رسالة إلهية عظيمة مهيمنة على كل الأديان وقيّمة عليها وخالدة تنظم شؤون الحياة لكل البشرية مدى الأجيال، ولأنه رسول فأنه لا يملك الا تبليغ الرسالة كما يريد المُرسل (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (النور:54).

(بَلِّغْ) أي أوصل الرسالة بوضوح وحسم وهو تعبير أقوى من (أبلغ) ولا يتحقق التبليغ الا بأمرين: كون البيان واضحاً معبراً عن المطلوب بدقة، وكونه معلناً صريحاً وحاسماً ومشهوراً للناس.

(مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) ولم يذكره صريحاً تعظيماً له وللإشارة إلى أنه منزّل إليك من الله تعالى وليس لك أي يد فيه حتى لا يتهم بمحاباة أو مصلحة شخصية وغير ذلك، ولأنه منزل إليك فليس لك خيار إلاّ تبليغه.

وهذا الأمر المراد تبليغه لا يراد به كل ما انزل إليك ــ كما قال بعض العامة ــ لأن الجملة تصبح لغواً وتحصيل حاصل مع الجملة التالية وتصبح كالتالي ((وإن لم تبلّغ ما انزل اليك فما بلّغت ما انزل اليك)).
وليس هو قضية التوحيد أو النبوة أو البعث يوم القيامة ونحو ذلك من العقائد الحقة لأن هذه كلها بلّغها النبي (صلى الله عليه وآله) منذ بداية البعثة من دون تردد فلا تحتاج إلى التطمين التالي (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
وليس هذا الأمر من قبيل الأحكام الشرعية لأنها بُلّغت كلها تدريجياً بحسب نزول الآيات الآمرة بها.
وإنما هو أمر محدد أنزله الله تعالى إليك في آيات سابقة وبوحي متكرر في مناسبات متعددة لتبلّغه ولكنه لم يكن حاسماً قاطعاً كما يراد تبليغه الآن، وهو أمرٌ مهم وخطير بحيث أنه يعدل الرسالة كلها، وإن لم يبلّغه فكأنه لم يبلغ الرسالة كلها كما أفاد الجزء التالي من الآية.
(مِن رَّبِّكَ) اختار الرب دون الأسماء الحسنى وإضافه إليه (صلى الله عليه وآله) لإظهار مزيد من الرحمة والحنو على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن هذا الأمر أنزله ربك الذي ربّاك وتكفل بك وحماك ونصرك وأعلى شأنك فلتطب نفسك وليطمئن قلبك.
(وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) جملة لم يرد مثلها في القرآن الكريم وتعزّز التأكيدات المتكررة على تبليغ هذا الأمر، وظاهرها التهديد الا ان هذا المعنى غير وارد لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يحتمل فيه عدم التبليغ حتى يذكر جزاؤه، وقد قال تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام:124) فالآية في حقيقتها تعبير عن أهمية القضية بحيث ان اهمالها يعني التفريط بكل الرسالة وكأنه (صلى الله عليه وآله) لم يفعل شيئاً خلال مدة الدعوة التي تجاوزت عشرين عاماً.

وكان يُشقّ على النبي (صلى الله عليه وآله) تبليغ هذا الأمر لأنه كما يظهر من الآية يتعلق بـ ((حكم نازل، فيه شوب انتفاع للنبي (صلى الله عليه وآله) واختصاصه بمزية حيوية مطلوبة لغيره أيضاً يوجب تبليغه والعمل به حرمان الناس عنه، فكان النبي (صلى الله عليه وآله) يخاف إظهاره فأمره الله بتبليغه وشدَّد فيه، ووعده العصمة من الناس وعدم هدايتهم في كيدهم إن كادوا فيه)).

(وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ليس المقصود بالناس اليهود وأمثالهم لأنهم قد قضي عليهم قبل ذلك بسنين ولم تبق لهم باقية، ولا يراد بهم المشركون لأن شوكتهم كسرت بفتح مكة ودخلوا في الإسلام طوعاً أو كرهاً، وإنما المراد بهم جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) كان يتوقع منهم التمرد والعصيان والانشقاق.

ولأن هذا الأمر يعرّضه (صلى الله عليه وآله) للاتهام بأنه يبتغي به مصلحة شخصية أو محاباة وقد بلّغ النبي (صلى الله عليه وآله) أحكاماً فيها ما يفسَّر على أنه مصلحة شخصية له كتزوجّه بأكثر من أربعة ولم يكن فيها حزازة ولا تردد لأنها لا تتعارض مع مصالحهم، لكن هذا الأمر المقصود بالآية من نوع خاص، لأنه يمسّ مصلحة مهمة لهم ويهدم طموحاً مُلحّاً ينتظرون تحقيقه وهو خطر عظيم قد يؤدي إلى إنهيار الكيان الإسلامي فأحبَّ النبي (صلى الله عليه وآله) تأجيل تبليغه إلى وقت الضرورة لأنه يتعلق بما

بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).
وهذه القضية المهمة التي جعل تبليغها يعادل تبليغ الرسالة كلها هي تعيين القيادة المعصومة التي تخلف النبي (صلى الله عليه وآله) وتواصل حمل رسالة الإسلام وصيانتها ونشرها لتستمر في أداء دورها، أي نقل ارتباط الرسالة من الحامل الشخصي وهو النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الحامل النوعي لها الذي يتصف بصفات الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلى رأسها العصمة والعلم وهو أمير المؤمنين ومن بعده الأئمة الطاهرون من بنيه (صلوات الله عليهم أجمعين) فان دوام الرسالة وحفظها يتحقق بوجود المؤهّل لحملها والا تموت الرسالة بموت حاملها كما حصل في شرائع الأنبياء السابقين حيث بقيت عرضة للتلاعب والتزوير وقد شرحنا ذلك في بحث مستقل .

وان مصدر قلقه (صلى الله عليه وآله) علمه بأن قوماً من أصحابه كانوا يتطلّعون للسلطة من بعده وينتظرون موته (صلى الله عليه وآله) ليمسكوا بزمامها مدعومين بقطاع واسع ممن اسلموا كرهاً وانصياعاً للواقع أو طمعاً في أن يكون لهم شيء في دولة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) خصوصاً من قريش، وهذا ما ورد على لسان عمر بن الخطاب في أكثر من محاورة مع ابن عباس وفي أحداها قال ((يا بن عباس! أتدري ما منع قومكم منه بعد محمد؟ فكرهتُ أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحاً بجحاً، فاختارت قريش لأنفسها ووفقت)) وهذا يعني ان قريشاً كانت تجتمع وتناقش كيفية الاستيلاء على السلطة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفق مصالحها هي وليس مصلحة الإسلام، وقد عزمت على انتزاع الأمر من علي (عليه السلام).

وهؤلاء هم من كان يخشى النبي (صلى الله عليه وآله) من فتنتهم وتقليبهم الأمور لو نصّب علياً خليفة من بعده، وكثير منهم ينظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) على أنه ملك وزعيم نجح في بسط سلطانه كأبي سفيان في كلمته التي قالها عندما بويع لابن عمه عثمان بالخلافة ((تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة بيد الصبيان فوالذي يحلف به أبو سفيان فلا جنة ولا نار ولا معاد)) وأكّد بها قوله السابق حينما رأس جيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) على مشارف مكة وقد اضاؤوا النيران فقال للعباس بن عبدالمطلب ((لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً) فقال له العباس ((ويلك انها النبوة)).

فلم يكن خوف رسول الله (صلى الله عليه وآله) على نفسه فقد صدع بالدعوة وحيداً ولم يثنه بطش قريش وقسوتها (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (الأحزاب:39).

فأمن الله تعالى نبيه من هذه المخاوف، وصدق وعده حينما انهال الجميع فوراً على بيعه أمير المؤمنين (عليه السلام) إماماً وخليفة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان اول المبايعين أبا بكر وعمر وهما يقولان (هنيئاً لك يا ابن ابي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة)وفي رواية أخرى قال ابن الخطاب (بخٍ بخٍ لك يا ابن ابي طالب) وظلّ يكرر الاعتراف بولاية علي (عليه السلام) في كل مناسبة كما سيأتي ان شاء الله تعالى.

ومما اشكلوا به ان كلمة المولى لها عدة معانٍ في اللغة كالناصر والحبيب وغيرهما فلا تتعين بولي الأمر، وهو احتمال مدفوع بصريح الحديث النبوي الشريف لأنه (صلى الله عليه وآله) بيَّن مراده من الولي، وتكذبه أيضاً ظروف الحادثة فهل أوقف النبي (صلى الله عليه وآله) تلك الجموع الحاشدة ليقول اني أحبّ علياً وأنه نصرني ونحو ذلك من الأمور الواضحة عند كل أحد.

ان مما يؤسف له تحكم الاهواء والعصبيات في اذهان المفسرين الذين لم يستقوا علومهم من أهل بيت النبوة فشرّقوا وغرّبوا واوردوا وجوهاً في تفسير الآية وسبب نزولها مما لا يناسب أجواء نزول الآية وظروف الحدث، ولا يليق صدوره منهم وفيهم ذوو عقول كبيرة والمهم عندهم صرفها عن الحقيقة التي نزلت الآية لبيانها ورواها جمع كبير من الصحابة والتابعين مع انهم يكتفون في تفسير الآية برواية واحدة عن هذا الصحابي أو ذاك ولا نريد الاطالة في عرض هذه الوجوه ومناقشتها.

وظل أمير المؤمنين وأهل بيته (عليهم السلام) وشيعته يؤكدون هذا الحق الثابت حتى لا يضيّعه المحرّفون، ومن أقواله (عليه السلام) في ذلك (فوالله ما زلت مدفوعاً عن حقي، مستأثراً عليّ منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه حتى يوم الناس هذا)
وقال (عليه السلام) (لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه)

وقال (عليه السلام) (فوالله إني لأولى الناس بالناس، لم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحدا. إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم)
واعتبر الأئمة المعصومون (عليهم السلام) يوم الغدير أعظم أعياد الإسلام لعظمة النعمة التي منّ الله تعالى بها فأكمل بها الدين ورضي الإسلام لنا ديناً، روى الكليني بسنده عن سالم قال (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : نعم أعظمها حرمة . قلت : وأي عيد هو جعلت فداك ؟ قال : اليوم الذي نصب فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه) ومثلها عدة روايات في نفس الباب.

وفي آمالي الشيخ الصدوق بإسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) علماً لأمتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا)

وقد جعل الأئمة (عليهم السلام) برنامجاً عبادياً مكثفاً في هذا اليوم شكراً لله تعالى على هذه النعمة وجعل عليها ثواباً عظيماً كالصوم والصلاة والدعاء والصدقة وتبادل التهاني مع المؤمنين، وزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولو من بعد لمن يتعذر عليه زيارة مرقد الشريف عن قرب، روى إبن ابي نصر قال (كنّا عند الرضا (عليه السلام) والمجلس غاص بأهله فتذكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس .

ويمكن أن نفهم من الآية الكريمة أن على العاملين الرساليين ان لا يترددوا ولا يتلكأوا في نصرة مشروع الإسلام والتحرّك به مهما حاول الناس ــ بكل ما يحويه اللفظ من استصغار في هذا الموضع ــ وضع العراقيل وبث التهم والشبهات لأن الله تعالى يعصمه من هذه المكائد والخبث والشيطنة، وإنه تعالى ينصر من ينصره (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) (الحج:40) وقد ورد هذا المعنى في خطبه لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال فيها (فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعلموا ان الأمر بالمعروف والنهي عن النكر لن يقرِّبا أجلاً ولن يقطعا رزقاً)

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى