اخبار اسلامية
أخر الأخبار

بإمامة السيد العرداوي… خطبة صلاة الجمعة في جامع الجوادين (ع) بالديوانية

أقيمت صلاة الجمعة في جامع الجوادين (ع) بحي الإسكان\مركز محافظة الديوانية، بإمامة السيد حيدر العرداوي.

وقال السيد العرداوي في الخطبة الأولى وتابعتها “النعيم نيوز”. “سوف تمر علينا ذكرى اليمة الا وهي ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب الاصب”.

هذا الإمام الَّذي أشارت سيرته إلى الموقع الَّذي بلغه عند الله وفي قلوب النَّاس، فقد ورد في سيرته أنَّه أعبد الناس وأعلمهم وأشجعهم وأكثرهم تواضعاً، وأسخاهم وأزهدهم.

وقد أشارت إلى ذلك ألقابه، فقد لقِّب بالعبد الصالح وبالأمين والصَّابر والكاظم، وهو اللقب الذي صاحبه. وقد عانى الإمام (ع) في كل المرحلة التي عاشها بعد وفاة أبيه الإمام الصادق (ع)، والتي امتدت إلى خمس وثلاثين سنة، عاشها تحت وطأة ضغوط الحكام العباسيين الذي تعاقبوا على هذه الفترة، وكان أشدّها في عهد هارون الرشيد الَّذي أدخله أقبية سجونه التي استمرَّت لسبع سنوات أو عشر، على اختلاف الروايات.

لكن هذه المعاناة رغم قساوتها، لم تفتّ من عضد الإمام، ولم تضعفه عن أداء دوره في مواجهة الانحراف الفكري والعقيدي، وفي الردّ على التساؤلات التي بدأت تثار حول توحيد الله وصفاته، ونظرة الإسلام إلى العقل والقياس، وفي مواجهة الغلوّ وتفشّي ظاهرة المجون التي ساهم في نشرها الحكام العباسيّون.

ولقد ترك لنا هذا الإمام، ورغم كلّ الظروف الصعبة التي عاشها، زاداً وفيراً من الأحاديث والفقه والتفسير والمواعظ والوصايا.
ونحن اليوم سنستفيد من هذه المناسبة، لنشير إلى عدَّة مواقف لهذا الإمام:

الموقف الأوَّل: ما ورد عن أحد أصحاب الإمام الكاظم (ع)، حين قال: رأيت يوماً الإمام الكاظم (ع) يعمل في أرض له، قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟ فقد كان لدى الإمام من يعينه، لكنَّه حرص على أن يقوم بهذا العمل بيده.. فقال (ع): “قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه ومن أبي”، فقلت له: ومن هو؟ فقال: “رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)، كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيّين والمرسلين والأوصياء والصالحين”.

لقد أراد الإمام الكاظم بهذا أن يرتقي بقيمة العمل، بأن يعززه عند أصحابه وعندنا، فالعمل عنده لا يقف عند سدّ حاجته وحاجة عياله، بل كان يراه أبعد من ذلك، يراه تلبيةً لواجب دعا الله إليه عزّ وجلّ، عندما قال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: 105]، وهو عبادة، بل هو أفضل العبادات والجهاد في سبيل الله، فقد ورد في الحديث: “العبادة سبعون جزءاً، وأفضلها جزءاً طلب الحلال”، وهو جهاد في سبيل الله: “الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله”، وأن اليد التي تعمل هي اليد التي يحبها الله ورسوله.

الموقف الثاني: عندما جاء إليه أحد أصحابه قائلاً: جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشَّيء الذي أكرهه، فأدقّق في ذلك وأسأله عنه، فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات ومن أهل الإيمان، وليس واحداً بل أكثر من واحد، فماذا أفعل؟! قال الإمام (ع) لهذا الشخص، واسمه محمد: “يا محمّد، كذِّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً، فصدِّقة وكذّبهم – لأنك قد تشتبه وقد يشتبهون في الأمر الذي يتحدثون به عنه، وحتى لو كان قولهم صادقاً – لا تذيعنَّ عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته – إن أنت نشرت ما تشينه به، تكون قد أسأت إليه وإلى العنوان الإيماني الذي يحمله – فتكون من الَّذين قال الله عنهم في كتابه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}”[النّور: 19].

ما أراده الإمام (ع) من ذلك، هو السّتر على الأخطاء التي تصدر عن المؤمنين وعدم إشاعتها، وإذا كان من علاج لها لا بدَّ أن يحصل، فلا ينبغي أن يكون على الملأ وبإذاعته بين النّاس، وإلى هذا أشار الحديث: “من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانيةً فقد شانه”.

الموقف الثَّالث: هو ما قاله لأحد أصحابه: “لا تكن إمَّعة، فقد نهى رسول الله (ص) أن يكون الرجل إمَّعة“. وعندما قال له هذا الصحابي: وما الإمَّعة يا بن بنت رسول الله؟ قال: “لا تقولن: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس، إنما هما نجدان: نجد خير، ونجد شرّ، فما بال نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير”.

وهو في ذلك أراد أن يشير إليه وإلينا، أن لا نكون صدى للآخرين نردِّد ما يردِّدون من دون تفكير ووعي وتدبّر، بل أن نقول ونعمل بناءً على إيماننا وقيمنا التي تدعونا إلى الالتزام بالخير والصَّلاح، من أي جهة جاء منها هذا الخير، والابتعاد عن الشرّ والفساد، من أيّ جهة جاء منها هذا الفساد والانحراف.

الموقف الرَّابع: حصل حين أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد خلف وزيره يحيى بن خالد البرمكيّ، وأمره أن يذهب إلى الإمام (ع) ويبلغه أنَّه على استعداد لإطلاق سراحه بشرط أن يعتذر منه. يومها، رفض الإمام (ع) وقال له: “ليس عندي ما يستوجب الاعتذار، اذهب إليه وقل له: إنَّ الأجل قريب، والحساب آت”، وفي وقت آخر أرسل إليه: “اعلم يا هارون أنه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتّى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون”. فأيّ عزّ هو هذا العزّ، وأيّ عنفوان هو هذا العنفوان؟!

تصوَّروا هذا الموقف: الإمام سجين، وقد حصل هذا الموقف بعد أن قضى في السّجن السنوات الطوال، والسجون آنذاك كانت تحت الأرض في مكان مظلم موحش، يعرض عليه هارون أن يعتذر ويخرج من السجن وتنتهي معاناته، ولكن هيهات أن يصدر ذلك عنه (ع)! لقد كان السجن خياره أمام ما عرضه عليه هارون، كما قال النبيّ يوسف (ع): {السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}[يوسف: 33]، عندما دعوه إلى التنازل عن إيمانه والسَّير كما يريدون.

ولذلك، شعر هارون الرشيد بالضّيق من بقاء الإمام على ثباته وموقفه وصبره. وبعد أن لم تنفع في تغييره كلّ الوسائل، قرَّر أن ينهي حياته الشريفة وهو في غياهب السجن الذي أودعه فيه، كما في الروايات..

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى