المرجع اليعقوبي: التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والتقوى هما معيار الإنسان المؤمن إذ ليس لله مع أحدٍ قرابة
أكد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، اليوم السبت، أن المقياس الحقيقي للتكريم والقرب الإلهي هو تقوى الانسان وعمله الصالح {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31] ومن أراد التوفيق ليكون حبيباً عند الله تعالى فليطع الرسول ويلتزم بما جاء به ليحظى بالكرامة لديه.
وبيّن سماحتُهُ، خلال درس تفسير القران الكريم الأسبوعي الذي يلقيه على جمع من طلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الأشرف، وتابعته “النعيم نيوز”. وكان في ضوء الاية الكريمة {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] ان “الآية الكريمة تتعرض لظاهرة جاهلية تسقط فيها المجتمعات عندما تكبر أنانيتها ولا تستشعر العبودية لله تعالى، وهي الشعور بالاستعلاء والتميّز عن بقية الناس لا لكمالٍ حازوه أو فضيلة اتصفوا بها، وإنما لمجرد انتمائهم إلى عقيدة معينة أو جنس بشري أو اتجاه فكري أو عشيرة أو مدينة معينة ونحو ذلك من أشكال التعصب للانتماء بحيث تشعر الجماعة أنهم شعب الله المختار، وأنهم الجنس البشري الأرقى والأفضل لمجرد هذا الانتماء من دون عمل صالح يستحقون به التقدم على الآخرين.ولكي تميّز مثل هذه الجماعة نفسها فإنها تشرِّع لنفسها أحكاماً خاصة بها، كما كانت قريش تسمي نفسها بالحُمُس في الجاهلية فلا تزّوِج نساءها إلى غيرهم لكنهم يتزوجون من الآخرين، وغير ذلك، وجرت على ذلك بعض القبائل إلى اليوم”.
وأوضح، أن “القران الكريم فضح العقائد المنحرفة لليهود والنصارى التي كانوا يروّجونها ليقنعوا الآخرين بتفوقهم عليهم وأن لهم الكلمة العليا، وعلى الآخرين أي يتّبعوهم وهم يعلمون قبل غيرهم بطلان هذه الاعتقادات لكنهم يراهنون على تجهيل الناس للوصول إلى أهدافهم وهو تحصيل المزيد من المكاسب الدنيوية والاستئثار بخيرات الناس وإخضاعهم لأهوائهم، وقد تصطدم مصالحهما فيزيّف كل منهما عقيدة الآخر {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113].لافتاً الى انهم (أي اليهود والنصارى لم يكتفوا بجعل العزير والمسيح ابني الله سبحانه وتعالى عما يصفون وانما وصفوا أنفسهم ايضاً بأنهم أبناء الله وأحبّاؤه سواء على النحو الذي قالوه في انبيائهم او على نحو الكناية للتعبير عن شرفهم ومنزلتهم الرفيقة وقربهم من الله تعالى وهو الظاهر، وبذلك فإن لهم خصوصية لا يشاركهم فيها أحد كالحصانة من القانون وعدم المحاسبة على أفعالهم مطلقاً لأنهم أبناءٌ مدلّلون محبوبون، فلا يعاملون كسائر الناس، وقد أكّدت الروايات تبنّيهم هذه الدعوة وذكر الإنجيل ذلك.ويمكن الاجابة عن ذلك أن الله ليس له قرابة مع أحد ولا يجامل أحداً وإنما يجازى كل إنسان بعمله خيراً كان أو شراً {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7- 8]”.
وأضاف سماحتهُ، “كما حذرت الآية الكريمة المسلمين من الوقوع في مثل هذه الاعتقادات الجاهلية، وقد حرص الأئمة المعصومون (عليهم السلام) على تحذير شيعتهم من الاغترار بما ورد في فضل الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) ومنزلتهم عند الله تعالى، حيث كان الأئمة (عليهم السلام) أكثر تشديداً على من انتسب إليهم لأن ضررهم على الدين أخطر إن أساؤوا، فمن وصية الإمام الباقر (عليه السلام) لجابر: (يا جابر، أيكتفي مَن ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه)، إلى أن قال (عليه السلام): (يا جابر، لا تذهبَنَّ بك المذاهب، حسِب الرجل أن يقول: أُحبُّ علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً؟ فلو قال: إني أحبُّ رسول الله -فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خيرٌ من علي (عليه السلام) – ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنته: ما نفعه حبّه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحدٍ قرابة ، أحبُّ العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعمَلهم بطاعته، يا جابر فوالله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة، مَن كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع)”.