غالب قنديل
تضيق هوامش المناورة في المنطقة، كلما ظهرت مؤشرات التعافي السوري، وتبلورت ملامح الشراكات الجديدة الضخمة. والواعدة اقتصادياً بين سورية وإيران، بصورة تطرق أبوابا، وتفتح مجالات للتعاون والعمل المشترك، ربما للمرة الأولى. بانتقال التحالف السياسي إلى صيغة لشراكة اقتصادية شاملة سورية ايرانية، تمثّل قطبا جاذبا للتعاون الواسع، بل. والشراكة مع روسيا والصين.
أولا: يشترك لبنان والعراق، ويتماثلان في الموقف والموقع، على خطوط تطابق محورية، بازدواجية الموقف والموقع، على حدود الفصل. والوصل بين المحورين الكبيرين المتقابلين في المنطقة، محور المقاومة والتحرّر ومحور الهيمنة والعمالة.
ومن الواضح أن ازدواج الخيارات وميوعتها، يغدوان أعلى كلفة، ويجعلان الحكومات أقلّ قدرة على الصمود في وجه المتغيرات الهادرة. والتحديات الجارفة، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، في ظل ثبات المعادلات الدفاعية الرادعة، التي صنعتها قوى المقاومة.
ومنعت بها تحقيق خطط ومشاريع الهيمنة الكاملة في المنطقة، انطلاقا من تصفية واقتلاع الفصائل المقاومة. وبعدما قطع محور المقاومة شوطا في صياغة المعادلات الكبرى الجديدة وفرض توازن الردع، كان الخنق الاقتصادي هو الأسلوب الاستعماري البديل للعمل العسكري. عبر الاستنزاف المجتمعي والحملات الإعلامية المنظمة، وفي ظلّ تحرك طوابير العمالة والتبعية.
ثانيا: باتت أدوات الحصار والعقوبات المالية والاقتصادية ضد بلدان المنطقة أبرز خطوط العرقلة والاستنزاف الأميركية، في وجه اكتمال النسيج الاقتصادي والسياسي لشراكات، تتقدم بصورة لا تتناسب وحجم الاحتياجات الملحة، ناهيك عن التهديدات في العراق ولبنان، بفعل البنيان السياسي المنفصم للسلطات، واستمرار وجود معاقل نفوذ وتأثير لقوى الهيمنة لاستعمارية.
وسيكون حسم هذا البعد شرطا ضروريا وموجبا، دونه لا تقدم جديا في مسار تخطي العثرات، واطلاق خطط البناء الوطني بعد الكارثة. والمفارقة ان التشابه السياسي بين الواقعين اللبناني والعراقي يناقض حقيقة التفاوت الهائل ماليا. فلبنان في حالة إفلاس وانهيار ونضوب للثروة، بينما العراق بلد نفطي، يتمتع بعائدات هائلة، ويمتلك ثروة ضخمة، لكن فيه حشدا من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، التي تجعل بنيته مستنزفة. بينما تملي الولايات المتحدة على الحكومة العراقية إتاوة منتظمة، بذريعة تغطية أكلاف الاحتلال وفواتير الغزو الدموي المدمّر، وتحجز مدّخرات عراقية هائلة في الخارج.
ثالثا: تمثل نواة التعاون المشرقي المنطلقة بالمبادرات السورية الإيرانية، نافذة أمل كبيرة للبنان والعراق معا، في هذه الظروف بالذات. ولذلك بات التحدي الراهن، هو العمل لبلورة رابطة، تضم البلدان الأربعة، وتؤسس تدريجيا لسوق مشتركة.
ورابطة تعاون اقتصادي إقليمي. ومن غير تضخيم اليافطات والضجيج، يمكن للنمو الطبيعي في دوائر الشراكة الإنتاجية، أن يؤسّس لنهضة شاملة على مستوى الإقليم. بحيث يتحول هذا المربع، من خلال تشابك القدرات والخبرات، إلى تكتّل اقتصادي صاعد وواعد في جميع المجالات الاقتصادية المنتجة والخدمية. وحيث تتوافر الموارد المالية والطبيعية والأيدي العاملة المؤهّلة، يمكن تحقيق وثبات هائلة وسريعة في معدلات النمو، بالتوازي عبر تكامل الطاقات والمزايا.
ومن هنا ندعو في أسرع وقت لإعداد مشروع منظمة للتعاون والتنمية في المشرق، تضم العراق وسورية وإيران ولبنان، ومباشرة العمل في أقصى سرعة، لإبرام اتفاقات، تشمل وتنظّم سائر مجالات التعاون الاقتصادي والمالي والاستثماري. فتلك نافذة الأمل الجديد، وأول الطريق لمجابهة التهديدات وصنع الفرص، وهدر الزمن ستكون كلفته باهظة على المنطقة بأسرها.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز