مقالات
أخر الأخبار

الطريق بين بغداد ودمشق

كتب صادق كاظم … يريد العراقيون من سوريا أن تكون مستقرة وأن تتجاوز آثار الماضي، وأن تكون هناك مساواة حقيقية في تمثيل المكونات في مؤسسات الدولة، وألّا يكون هناك أي مكان فيها للمتطرفين، الذين قدموا إلى سوريا من خارجها في ظروف سابقة، حيث يحاول هؤلاء جر سوريا إلى مربعات الثار والطائفية وحمامات الدم وسببا في تشنج علاقاتها مع جيرانها وخصوصا العراق.

الانفتاح المحسوب على دمشق يمثل خيارا عراقيا ملائما في الوقت الحاضر، خصوصا أن سياسة العزلة الحديدية، التي تم تبنيها سابقا لا تبدو واقعية، فالعراق دولة جارة لسوريا ليس من مصلحته تجاهل الأوضاع فيها أو ادارة ظهره لها، صحيح أن الرئيس السوري الحالي احمد الشرع قد جاء للعراق سابقا بصفة غير قانونية، وكان معتقلا من قبل القوات الامريكية قبل أن يطلق سراحه، وهناك مذكرة توقيف بحقه، إلا أن ذلك لا يعتبر عائقا أو مانعا أمام حصول تقدم طبيعي في مسار العلاقة، باعتبار أن هذا قد حصل في الماضي ولظرف معين انتهى في وقته.

سوريا الآن محاصرة من قبل الكيان الصهيوني، الذي يحاول استغلال الفراغ السياسي والأمني، الذي حصل بعد سقوط نظام الأسد، حيث شنت العديد من الهجمات الجوية، التي أدت إلى تدمير مخزون سوريا من الطائرات والمدرعات وأسلحة الدفاع الجوي والسفن الحربية والمعسكرات اللوجستية ومخازن الصواريخ والأسلحة الثقيلة، جعلتها مكشوفة تماما أمام أية غارات جوية صهيونية، فضلا عن احتلال كامل للجولان السوري، وهو يشجع المكون الدرزي على الانفصال، وتكوين كيان سياسي محمٍ من قبله، بذريعة الاضطهاد والخوف من هجمات المتطرفين، الذين يريدون لسوريا أن تكون بلون طائفي واحد، فضلا عن رغبة الكرد في تكوين كيان سياسي مستقل لهم ايضا في شمال وشرق سوريا، إضافة إلى التموضع التركي في سوريا، والذي يحول التأثير على مسار العلاقة بين دمشق وجيرانها، ولا ننسى بالطبع الوجود المكثف لعناصر داعش بالقرب من الحدود العراقية، حيث يقيم آلاف العناصر هناك.

هذه العوامل جميعها ومن دون استثناء تحظى باهتمام عراقي، والذي لا يريد أن تتحول سوريا إلى دولة متشظية ومنقسمة وفريسة لأطماع الصهاينة وغيرهم، وعامل تهديد لدول المنطقة وأمنها، ومن الممكن أن يكون متأثرا بها بشدة، ما يفرض عليه أن يكون مساهما ومشجعا على استقرارها.

هناك أمور كثيرة تقع على عاتق الحكومة السورية الجديدة، التي ينبغي عليها أن تثبت حسن سلوكها في التخلص من ماضيها المتطرف والعنيف، عندما كانت في الصف المناهض للحكومة السورية، وعندما كان عناصرها يرفعون شعارات تكفيرية متطرفة تهدد بذبح شعوب الاقليات، وتتبنى تفجير السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة في مختلف المدن السورية، فضلا عن إبعاد هذه العناصر المعروفة بماضيها الدموي من مواقع السلطة والقيادة، وأن يكون هناك تمثيل فاعل لجميع المكونات، وخصوصا الأقليات في مؤسسات الدولة، وأن تكون هناك حريات سياسية وأحزاب وبرلمان ودستور مكتوب، يتفق عليه جميع السوريين، وأن يكون الأمن والأمان مكفولا للجميع من دون استثناء، إذ إنها مؤشرات ايجابية ستشجع حتما العراق وغيره على التعاون وفتح صفح جديدة في مسار العلاقات بعيدا عن الماضي وإشكالاته.

من المؤكد أن النظام السياسي الجديد في سوريا بحاجة إلى الأموال والتعاون مع العراق يهمه كثيرا ، حيث إن سوريا تعتبر ممرا مهما لأنابيب النفط العراقي، الذي كان يصدر عبرها البترول إلى موانئ سوريا على البحر المتوسط، وهناك منشآت نفطية عراقية فيها، وحتما أن العراق سيستفيد كثيرا من ذلك، إضافة إلى أن وجود المراقد الدينية المقدسة لدى العراقيين في سوريا، سوف تكون مناطق جاذب سياحي وديني مهم لتشجيع المواطنين العراقيين على زيارتها مجددا، بظروف آمنة لهم، وهو أمر لن يرفضه السوريون حتما، باعتبار أنها ستنعش الاقتصاد السوري الضعيف والمنهك، وستعطي دليلا ايجابيا وقويا بأن الحكومة السورية، تحترم التزاماتها وتعهداتها للجميع. إن هذه التحركات واللقاءات الرسمية، التي جمعت بين بغداد ودمشق ستزيل الشكوك والعقبات أمام تطور العلاقات، وربما ستكون بحذر في البداية، لكنها من الممكن أن تتقدم بما يخدم مصالح البلدين ويحفظ أمن واستقرار المنطقة.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى