انتقد الشيخ حسن الصفار، أمس السبت، النزعة الغيبية عند بعض المتدينين، الذين ينتظرون من الله سبحانه وتعالى أن يعالج مشاكلهم، دون سعي ولا بذل جهد في مساعدة أنفسهم.
وقال الشيخ الصفار خلال المحاضرة العاشورائية الرابعة بمجلس الحاج سعيد المقابي، بحي الجزيرة في مدينة القطيف، وتابعتها “النعيم نيوز”. إن “هناك ثقافة تدفع الناس باتجاه اللجوء للغيب والطلب من الله أن يعالج جميع مشاكلهم بلا جهد ولا سعي في هذا السبيل. وإنما على طريقة (خلها على الله)“.
وأضاف، أن “بعض المتدينين يراهن على التدخل الغيبي لتطوير حياتهم وتحسينها وحل المشكلات التي يواجهونها. لكن القرآن الكريم يرفض هذا المنطق”. مشيراً إلى أن “هذا التفكير هو الذي يصنع التخلف ويعزز الخمول والكسل في المجتمعات الدينية“.
واستدرك الشيخ الصفار، بالقول: إن “جميع الأمور بيد الله سبحانه وتعالى. ولكن ليس بمعنى أن يتكاسل الإنسان ويجلس بانتظار أن يحلّ الغيب جميع مشاكله ويطور حياته”. متسائلاً: “حين جاء نبينا محمد “ص” هل في حركته وسيرته وتأسيس كيانه الاجتماعي استفاد فقط من وحي السماء والتعاليم الغيبية؟. أم استفاد من الخبرات البشرية حوله؟. الله تعالى أمره أن يستفيد من عقول من حوله وشاورهم في الأمر”.
وتابع، “صحيح أن التشريعات الدينية الأساسية تأتي من قبل الله تعالى. ولكن البرامج التفصيلية كان يشاور الناس فيها كالحرب والاقتصاد”.
ودعا الشيخ الصفار، الوسط الديني إلى أن “يقرن الإيمان بالغيب بتعقل الأوامر والقوانين والسنن الإلهية التي دعانا الله سبحانه وتعالى إلى التأمل فيها”. موضحاً بأن “الله سبحانه جعل للكون سنناً وقوانين وأنظمة ثابتة واضحة. لا ارتجال فيها ولا تخضع لمزاج أحد”.
وبيّن، أن “هذه السنن الإلهية يخضع لها جميع البشر ولا يستثنى منها أحد، المؤمن والكافر، والصالح والطالح. كما ورد في الآية الكريمة (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)“.
وحول مسألة الدعاء وتأثيره، أشار الشيخ الصفار، إلى “الحاجة إلى الفهم الصحيح لهذه المسألة. فالدعاء طلب من الله، يزرع الأمل، ويواكب السعي والعمل، وليس بديلًا عنه“.
وأسف، إلى “النزعة الانتقائية لدى بعض الخطاب الديني الذي يركز على بعض النصوص الدينية ويغفل أخرى”.
وأكمل الشيخ الصفار، حديثه: “بأن الدعاء والتوسل وأخذ الخيرة بالقرآن دون عمل لا تكفي لدفع البلاء والأوبئة. كما ورد عن النبي صلوات الله عليه ”مَثَلُ الَّذي يَدعو بِغَيرِ عَمَلٍ كَمَثَلِ الَّذي يَرمي بِغَيرِ وَتَرٍ“. إذن الدعاء لازم أن يرافقه عمل والسعي إلى العلاج”.
ولفت، إلى أن “الدين يربي الإنسان المؤمن على إدارة حياته بالتوسل بالوسائل الطبيعية”، موضحاً بأن “النبي صلوات الله عليه كان يحث أصحابه المرضى على التشافي عند الأطباء والتداوي بالأدوية. ولم يكن يقرأ في آنيتهم أو يمسح على رؤسهم“.
ونوه الشيخ الصفار، بأن “هذا ما حدث مع الإمام علي “عليه السلام”. حين أحضر الأطباء لمعالجته من ضربة بن ملجم التي أدت لاستشهاده”.
وفي سياق متصل، تطرق إلى “الذين يروجون لمناعة الأماكن الدينية من أن تصلها الأوبئة والأمراض”، معتبراً ذلك “كلاماً تضليلياً ومخالفاً للسنن الطبيعية للخالق سبحانه، فالنبي صلوات الله عليه نفسه تعرض للسم والإمام الحسن استشهد متأثراً بالسم”.
وأكد، أن “الإمام الحسين كذلك لم يكن في ثورته بمنأى عن جريان السنن الإلهية حين خذلته الأمة. ولم تتوفر لديه الوسائل الطبيعية لتحقيق النصر على أعداءه مما قاد لفاجعة كربلاء”.