اخبار اسلامية
أخر الأخبار

الخطبة الموحدة لصلاة الجمعة في الناصرية بإمامة الشيخ ضياء السهلاني

أقيمت الخطبة الموحدة لصلاة الجمعة في مدينة الناصرية، مصلى أنصار الإمام المهـدي (عج)، بإمامة الشيخ ضياء السهلاني.

 

وكانت الخطبة الأولى، بعنوان (الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع) شاهدة وشهيدة)، حيث قال الشيخ السهلاني، “ونحن في رحاب شهادة الزهراء (ع) وددنا أن نقف قليلاً على مصطلح الشهادة الذي ورد في القرآن والسنة الشريفة بمعانٍ متعددة: منها: أن تأتي بمعنى الإعلام بما شاهد ورأى:

قال تعالى: (… وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا).

وقال تعالى: ( …إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا).

ومنها: بمعنى الدلالة كما في قول أمير المؤمنين (ع) في قوله: (لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ) أي لدلالة كل صفة، ومنها: أن الشهيد بمعنى المقتول في سبيل الله، قال النبي (ص) مخاطباً الحسين(ع): ( لك مقامات لا تنالها إلا بالشهادة).

فالشهادة استعملت في معاني متعددة وليس معنًى واحداً، وما نريد أن نسلط عليه الضوء هو الشهادة بمعناها اللغوي، وهي الحضور والمشاهدة والذي من مصاديقه أهل البيت(ع) وعلى رأسهم الزهراء(ع) ، وهذا ما أثبته القرآن والسنة الشريفة قال تعالى: ( لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)

٦، وفي الزيارة الجامعة (ورضيكم شهداء على خلقه)، وذلك لأن المجتمع في عالم الدنيا مع إلقاء الحجة عليه من قِبل الباري (عز وجل) على يد الأنبياء والأوصياء، إلا أنَّ كثيراً منهم مازالوا ملحدين لا يؤمنون بالله ولا برسله، وبعض منهم يؤمن ولكن يعتقد أن قضية العمل منحصرة فقط بينه وبين الخالق ولا يوجد عليه شاهد ولا رقيب، فتجدهم يعيشون الإزدواجية في حياتهم يتظاهرون بشيء ويُخفون شيئاً آخراً، والبعض الآخر غير ملتفت لوجود شهود عليه أصلاً وبعض يعتقد بوجودهم، فأراد الله تبارك وتعالى من باب عدم فسح المجال للمجادلة في يوم القيامة تعدد الشهود ومع أن (الشاهد هو الحاكم) قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} وهو مطلع على جميع أفعال وأعمال الإنسان في جميع أحواله وسكناته، قال تعالى: ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ ).

مع ذلك إقتضت الحكمة الإلهية في يوم القيامة تعدد الشهود على الإنسان وفي طليعتهم:

1. الأنبياء: وهم طليعة الشهود على أقوامهم، قال تعالى: ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ)،  إلا نبينا الخاتم محمد فهو شهيد على سائر الأمم والأنبياء قال تعالى: ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)

2. الملائكة: قال تعالى: (… وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ )، فهؤلاء مكلفون بكتابة كل عمل يفعله الإنسان صغيراً أو كبيراً ظاهراً أو باطناً، لذا جاء في الحديث عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين عليك).

3. أعضاء الإنسان: تشهد يوم القيامة أيضاً قال تعالى: { حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

4. الأرض: تشهد يوم القيامة قال تعالى: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}١٤، وفي الرواية: (سأل أبو كهمس أبا عبد الله(ع) فقال: يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ فقال: لا، بل يفرقها ههنا وههنا فإنها تشهد له يوم القيامة)، وجاء في الحديث عن أبي عبد الله قال: «إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: يُنسي ملَكَيه وما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه: أكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض أكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيءٌ يشهد عليه بشيء من الذنوب».

والشهود كثيرة ويطول المقام بذكرها، ولكننا نختم بأهم الشهود بعد النبي(ص) ، والذي يفترض أن يكونوا في طليعة المذكورين إلا أننا وددنا أن نختم بهم لأنهم الشاهد والشهيد و المنجي في يوم القيامة، فهم الشهود بنص القرآن، قال تعالى: ( وكذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )، فقد روي عن الباقر(ع) في تفسير هذه الآية أنه قال: (نحن الأمة الوسط، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه)، ومن هنا ففقرة (شهداء على خلقه) الواردة في الزيارة الجامعة هي بصدد إثبات شهادتهم كما هو مذكور، وقال تعالى: ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، فعن أبي عبد الله(ع) قال: هم الأئمة تعرض عليهم أعمال العباد كل يوم إلى يوم القيامة )، وعن الرضا(ع) أنه قال: (والله إن أعمالكم لتعرض عليَّ في كل يوم وليلة).

وجاء في الخطبة الثانية، ” بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله والصلاة والسلام على سيد خلقه الرسول المسدد والعبد المؤيد المحمود الاحمد ابي القاسم محمد واله الطيبين الطاهرين .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وادرَأ عَنِّي بِلُطفِكَ، واغذُنِي بِنِعمَتِكَ، وأَصلِحنِي بِكَرَمِكَ، ودَاوِنِي بِصُنعِكَ، وأَظِلَّنِي فِي ذَرَاكَ، وجَلِّلنِي رِضَاكَ، ووَفِّقنِي إِذَا اشتَكَلَت عَلَيَّ الأُمُورُ لِأَهدَاهَا، وإِذَا تَشَابَهَتِ الأَعمَالُ لِأَزكَاهَا، وإِذَا تَنَاقَضَتِ المِلَلُ لِأَرضَاهَا.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وتَوِّجنِي بِالكِفَايَةِ، وسُمنِي حُسنَ الوِلَايَةِ، وهَب لِي صِدقَ الهِدَايَةِ، ولَا تَفتِنِّي بِالسَّعَةِ، وامنَحنِي حُسنَ الدَّعَةِ، ولَا تَجعَل عَيشِي كَدّاً كَدّاً، ولَا تَرُدَّ دُعَائِي عَلَيَّ رَدّاً، فَإِنِّي لَا أَجعَلُ لَكَ ضِدّاً، ولَا أَدعُو مَعَكَ نِدّاً.

يجب علينا أن نستحضر أهمية الشعور بمسؤولية الانتماء إذا كان الإنسان منتمياً الى دين أو طائفة أو جهة فعلية إن يراقب سلوكه ومواقفه لأنها تدل على مدى شعوره بمسؤولية الانتماء ولن يكون موقفه شخصياً لأنهُ لا يمثل نفسه فقط وإنما يُحسب على جهة انتمائه.

إننا ننتمي للإسلام ولابد من الشعور بالمسؤولية وأداء الأمانة كما في قصة ذلك المسلم الذي وجد مالاً فأراد إن يعرّف به ووجد إن صاحب المال الضائع يهودي فقيل له لو كان صاحب المال مسلما لكان له حق عليك ولكنه يهودي فقال : كيف آخذ هذا المال وغداً يوم القيامة يأتي نبي الله موسى ويوقف نبينا محمد (صلى الله عليه واله) ويقول : له هذا واحد من أمتك أخذ مالا من امة اليهود واخجل رسول الله بذلك اليوم. أنظر إلى هذا المستوى من التفكير وهذا الشعور بالمسؤولية , مسؤولية انتمائه وإلى من يرجع.

وعلى الكل سواء كانوا زعماء أو قادة أو سياسيين أو مسؤولين أو أساتذة إن يستفيدوا دروساً من مثل هذه المواقف الإيجابية النبيلة , فالذي نأمله من شبابنا وهم في مقتبل العمر إن يربوا أنفسهم على أهمية هذا الانتماء العظيم حيث جزاؤه كبير عند الله تعالى كما في نهاية سورة البينة ((أولئك هم خير البرية)) فإذا أنتم لكم منزلة شريفة ووسام شريف قلدكم به الله تعالى حيث جعلكم خير البرية وهذا ليس اعتباطاً وبلا ثمن لابد له ثمن وهو إن نشعر بأهمية الانتماء ونؤدي هذا الواجب لكي نكون على مستوى المسؤولية .

فأهل البيت(ع)شهود في الدنيا ويوم القيامة على العباد وعلى رأسهم برزخ النبوة والإمامة الزهراء(ع) التي يقول فيها الإمام الحسن العسكري(ع): (نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة(ع) حجة الله علينا)٢٢، فهي الشاهدة والشهيدة والمنجية في يوم القيامة.

فالزهراء (ع) شاهدة على الأمة بالعموم، وعلى من سلب حق أمير المؤمنين(ع) بالخصوص، وقد أدلَت بشهادتها في الدنيا على أهم قضية تعرض لها الإسلام بعد شهادة النبي، مبينة في شهادتها أحقية علي وأهل بيته في خلافة رسول الله(ص) من خلال خطبتها: ( فجعل الله طاعتنا نظاماً للملَّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة )، موضحةً مصير الأمة لو ثنيت لبعلها الوسادة، ولكن القوم لم يسمعوا لها قولاً فأخذت الزهراء(ع) بإدلاء شهادتها بطريقة أخرى على أحقية علي(ع) فقامت بطَرق أبواب بيوت المدينة الواحد تلوا الآخر لبيان أحقيته(ع)، فكانت شهادتها بين الناس إسقاطاً لشرعيتهم، والملفت للنظر أن الزهراء(ع) إستمرت طيلة فترة وجودها بعد أبيها بإلقاء الحجة على من تلتقيه حتى وهي في مرضها الذي توفّيت فيه، فقد ورد بأن نساء المهاجرين والأنصار ذهبت لعيادتها، فقلنَ لها:كيف أصبحتِ من علَّتك يا ابنة رسول الله؟ فحمَدَت الله، وصلّت على أبيها، ثم قالت: أصْبَحَتُ واللهِ عَائِفَة لِدُنْياكُم، قَالِيَةً لِرِجَالِكُم، لَفِظْتُهُمْ قَبْلَ أنْ عجمتُهُمْ وشَنِئْتُهُم بَعدَ أنْ سبرتُهُم، فَقُبحاً لِفلولِ الحدِّ، وخور القَنَاةِ، وخطل الرَّأيِ، و( لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ) (المائدة:۸۰) .
لا جَرَمَ لَقَد قَلَّدتُهُم ربقتَها ، وشَننْتُ عَليهم غَارَها ، فجدعاً وعقراً وسُحقاً لِلقَومِ الظَّالِمِينَ ، وَيْحَهُم أنَّى زَحْزَحُوهَا عَن رَواسِي الرَّسَالَة ، وقَوَاعِد النبُوَّةِ ، ومَهْبِطَ الوَحْيِ الأمِينِ ، والطبين بِأمْرِ الدُّنيَا والدِّينِ: ( أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (الزمر : ۱5).

فالزهراء (ع) الشاهدة على الأمة أصبحت شهيدة، فالمعارضة التي قامت بها الزهراء (ع) لمؤامرة السقيفة جعلت القوم يخططون لتصفيتها، وهذا ما حصل على مرأى ومسمع أهل المدينة عندما قام الثاني بعصر الزهراء(ع) بين الحائط والباب حتى أنبت المسمار في صدرها وأسقط جنينها فماتت شَهِيدة من علّتها وهي واجدة عليهما، تقول الروايات: استأذن أبو بكر وعمر عليها فلم تأذن لهما وبعد اللُّتيا والتي دخلا عليها، فلما صدعت بالحق لها ولزوجها بالأدلة الدامغة كان الثاني يقول: ( وددت أني لم أكشف بيت فاطمة)، لأنهم يعلمون ما سوف يؤول إليه مصيرهم، لأن الزهراء(ع) الميزان الذي يفرق به بين الحق والباطل كما يقول سماحة المرجع اليعقوبي) دام ظله ) ، لذا جاء في الرواية عن أبي جعفر(ع): إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحَبّ الجيد من الحَبّ الرديء).

أيهـا الأحـبة:

لقد ضربت لنا الزهراء(ع) أروع صور المسؤولية في إدلاء الشهادة لإقناع المجتمع في أحقية أهل البيت، وما يقع على عاتقنا الإستفادة من تلك الدروس الزهرائية وإسقاطها على الواقع الحالي في إثبات أحقية مرجعيتنا في قيادة الأمة وبيان مشروعها الحقيقي الذي لو طُبِّقَ لكان مفتاحاً لإنفراج الأزمات التي تمر في البلد بين الحين والآخر، والتي لم تجد حلولاً من قِبل متقمصي الزعامة إلى يومنا هذا، فعلى المؤمنين جميعاً وخصوصاً قاعدة المرجع (دامت فيوضاته على الأمة) أخذ الدور الحقيقي في بيان مشروع المرجعية الدينية والسعي لتطبيقه على مختلف الأصعدة لتكونوا شهداء على من ألقيتم عليه الحجة في يوم القيامة قال تعالى: (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَن بَيِّنَةٍ )”.

 

 

 

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرامالنعيم نيوز

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى