أقيمت صلاة الجمعة، بجامع الرحمن في بغداد، بإمامة الشيخ جعفر الربيعي.
وكانت خطبة الجمعة بعنوان القيم في فكر أهل البيت عليهم السلام:
قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
المقدمة:
القيم التي نؤمن بها ولا نتنازل عنها وهي محور الرسالة التي ننتمي إليها ونضحي من أجلها كمبدأ العدالة ورفض الظلم بل الركون إلى الظالمين، ومبدأ الصدق وغيرها ما هو منشأها؟
بعبارة أخرى هل الاخلاق نسبية تتغير من مجتمع إلى آخر أو من زمان إلى آخر أم هي مطلقة؟
هل أنّ الأخلاق الحسنة والقبيحة، والرّذائل والفضائل، جيدةٌ وقبيحةٌ ذات أبعاد مطلقةٌ في كلّ مكان وزمان، أم أنّ هذه الصفات نسبيّة فربّما تكون في مكان وزمان آخر جيدة وسيئة؟ .
النظرية الأولى: العلمانية.
المعيار عندهم لمعرفة الأخلاق الجيّدة من غيرها هو المجتمع، وقبوله وعدم قبوله لها، وهذا يعني أنّ الشّجاعة ربّما تكون فضيلة عند مجتمع، في ما لو كانت مقبولةٌ، وقد تكون نفس تلك الفضيلة رذيلة في مجتمع آخر. وهذه الفئة، لا تعتقد بالحُسن والقُبح الذاتي للأفعال أيضاً، والمعيار هو قبول وعدم قبول المجتمع لها. فالمسائل الأخلاقيّة تعتمد على معايير للقياس، تكون وليدة النّظرات الكونيّة، فالمذهب الذي يعتبر المجتمع هو الأصل والأساس لقبول الاُمور، وبشكلها المادي، فان أفراده لا وسيلة لهم إلاّ القبول بنسبيّة الأخلاق، لأنّ المجتمع البشري يكون دائماً في حالة تغيّر وتحوّل، وعلى هذا فليس من العجيب في أمر هذه الجماعة أنّهم جعلوا الرأي العام للمجتمع، هو المرجع لتشخيص الحَسن والقَبيح من الأخلاق.
ونتيجةُ مثل هذه العقيدة، معلومةٌ وواضحةٌ قبل أن تظهر للوجود لأنّها تُسبب في تبعيّة القيم الأخلاقية للمجتمعات البشريّة، والتّوافق مع الظّروف ومتغيرات وأحوال ذلك المجتمع.
الرد:
والحال أنّ المجتمع هو الذي يجب أن يتبع الاُصول الأخلاقيّة: لِتُصلح مفاسده. فمن وجهة نظر هذه الجماعة، أنّ وأد البنات وهنّ أحياء، في زمن المجتمع الجاهلي العربي القديم، هو أمر أخلاقي، وكذلك الغارات التي كانت تشنّها القبائل على بعضها البعض، تعتبر عندهم من المفاخر، ولأجلها كانوا يُحبّون الأولاد ويقدّرونهم، حتى يكبروا ويحملوا السّلاح ليحاربوا مع آبائهم، فهي أيضاً أمر أخلاقي، وكذلك الجنسيّة المثليّة المتفشيّة في الغرب، تُعتبر من وجهة نظرهم أمراً أخلاقيّاً؟! فالعواقب الخطيرة التي تحملها أفكار هذه المذاهب في حركة الواقع الإجتماعي، لا تخفى على عاقل طبعاً.
النظرية الثانية: الإسلامية.
ولكن في الإسلام، فإن المعيار الأخلاقي والفضائل والرّذائل، تُعيّن من قبل الباري تعالى، وذاته ثابتةٌ لا تتغير، فالمُثل والقِيم الأخلاقيّة ستكون ثابتةً ولا تتغير، ويجب أن تكونَ هي القاعدةُ الأصلُ للأفراد والمجتمع في سلوكهم الأخلاقي، لا أن تكون الأخلاق تابعةٌ لرغبات ومُيول المجتمع.
الموحدون يعتقدون أنّ الفطرة والوجدان الإنساني إذا لم تتلوث فستبقى ثابتةً أيضاً، بإعتبارها تمثل النّور المنعكس عن الذّات المقدسة للباري تعالى، وعلى هذا فإنّ الأخلاقيّات تعتمد على الوجدان، وبعبارة اُخرى فإنّ القُبحَ والحُسنَ العَقليان: (المقصود العقل العملي لا النّظري)، يثبتان أيضاً.
الإسلام ينفي نسبيّة الأخلاق:
طرح القرآن الكريم في آيات عديدة كلمة “الطيّب والخبيث” بصورة مطلقة، ولم يجعل للمجتمعات البشرّية دور في صياغة القيم في هذا المجال: ﴿قُل لا يَسْتَوي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوأَعْجَبَكَ كَثرَةُ الخَبِيثِ﴾. وفي قوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُم الطَّيِّباتِ وَيُحَرِمُ عَلِيهِم الخَبَائِثَ﴾, يقول الله تعالى: ﴿إنَّ اللهَ لَذُوفَضل عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشكُرُونَ﴾.
في هذه الآيات يُعتبر الإيمان والطّهارة والشّكر، من القيم والمُثل وإن كان أكثر الناس يخالفون ذلك، والكفر والخُبث وكفران النعمة، تعتبر في مقابل القِيم، رغم أنّ الأكثريّة تتحرك في هذا الخط.
وقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام، هذا المعنى كثيراً في خُطَبِه في نهج البلاغة. وأنّ قبول وعدم قبول الأكثريّة لُخلق وعمل ما، لا يكون مِعياراً للفضيلة والرّذيلة وكذلك الحُسن والقُبح.
فقال الإمام عليه السلام في خطبة: “يا أَيّها النّاسُ لا تَستَوحِشُوا في طَرِيقِ الهُدى لِقِلَّةِ أَهلِهِ فإنَّ النّاسَ قَد إِجتَمَعُوا عَلى مائِدة شِبَعِها قَصِيرٌ وَجُوعِها طَوِيلٌ”, وقال في خطبة اُخرى: “حَقٌّ وَ باطِلٌ، وَلِكلٍّ أهلِ فَلإن أمِرَ الباطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ وَ لإن قَلَّ الحَقُّ فَلَرُبَّما وَلَعَلّ”. فكلّ هذه النّصوص الإسلاميّة تنفي النسبيّة في الأخلاق، ولا تعتبر قبول الأكثريّة في المجتمع معياراً لها.
سؤال: وهنا سؤال يفرض نفسه وهو: إنّ النسبيّة في الأخلاق قد تكون مقبولةً في بعض الموارد في الشّرائع السّماويّة، (وخُصوصاً الإسلام) فمثلا يعتبر الكذب ضد القيم والمُثل وعملا غير أخلاقي، لكنّ الكذب لغرض الإصلاح بين الناس وفي مقام المشورة، يعتبر عملا أخلاقيّاً، وهذه المسألة ليست بقليلة الموارد في التعاليم الإسلامية، فيعتبر هذا نوعاً من قبول النسبيّة للأخلاق.
الجواب: إنّ نسبيّة الأخلاق والحُسن والقُبح مطلبٌ، والإستثناء مطلب آخر. وبعبارة اُخرى: لا يوجد أصل ثابت في النسبيّة، فالكذب لا هو حسن ولا هو قبيح، وكذلك العدل والإحسان والظّلم والطّغيان، فحُسنها وقُبحها لا يتبيّن للإنسان إلاّ إذا قبلتها الأكثريّة من موقع القيم ورفضتها كذلك. ولكن في الإسلام والتعاليم السّماوية، فالكذب والظّلم والبخل والحسد والحقد، كلّها تعتبر ضد القيم والمُثل، سواء قبلتها أكثريّة الناس أم لا، وبالعكس، فالإحسان والعدالة والصّدق والأمانة، قيم ومُثل رفيعةٌ سواء قبلها المجتمع، أم لا.
فهذا هو الأصل الكلّي للمسألة، ولا مانع من وجود الإستثناء له، فالأصل كما هو واضحٌ من إسمه أساس وجذر الشيء، والإستثناء بمنزلة بعض الفروع والأوراق الزّائدة، ووجود بعض الإستثناءات في كلّ قاعدة لا يمكن أن يكون دليلا على نسبيّتها، فإذا تجلّى لنا هذا الفرق بين هذين الإثنين، أمكننا تجنّب الوقوع في كثير من الأخطاء.
أهل البيت والثبات على القيم:
1-رسول ص والمساومة على ترك الدين.
2-علي ابن ابي طالب ع وإبقاء معاوية أو مبايعة أصحاب السقيفة.
3-الإمام الحسين ع.
4-وقد ذكر للمتوكل أن بمنزله سلاحا وكتبا كثيرة من الناس فأرسل فكبسه فوجدوه جالسا مستقبل القبلة ، وعليه مدرعة من صوف وهو على بسيط الأرض ليس دونها حائل فأخذوه كذلك فحملوه إلى المتوكل وهو على شرابه ، فلما مثل بين يديه أجله وعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس الذي في يده فقال : يا أمير المؤمنين إنه لم يخالط لحمي ودمي قط ، فأعفني منه . فأعفاه ثم قال له : أنشدني شعرا . فأنشده :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فما أغنتهم القلل.
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا.
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا أين الأسرة والتيجان والحلل.
أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل.
فأفصح القبر عنهم حين سائلهم تلك الوجوه عليها الدود يقتتل.
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا.
قال: فبكى المتوكل حتى بل الثرى وبكى من حوله بحضرته وأمر برفع الشراب وأمر له بأربعة آلاف دينار ورده إلى منزله مكرما رحمه الله.
ظهرت في ايام المتوكل العباسي أمراة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) جاءوا بها الى مجلس المتوكل فقال لها: انت امرأة شابه وقد مضى من وقت رسول الله مئتا سنة. فقالت ان رسول الله(ص) مسح على رأسي وسأل الله ان يرد علي شبابي في كل اربعين سنه ولم اظهر للناس الى هذه الغاية فلحقتني الحاجه فصرت اليهم.
فدعا المتوكل المشايخ وأكبار آل ابي طالب وولد العباس وقريش وعرفهم حالها فروى جماعه وفاة زينب (عليها السلام) في سنه كذا فقال لها المتوكل:
ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت كذب وزور فأن امري كان مستورا على الناس، فلم تعرف لي حياة و لا موت. فقال لهم المتوكل هل عندكم حجه على هذه المرأة غير هذه الرواية؟ فقال الحاضرون لا فقال المتوكل: أنى بريء من جدي العباس ان لا انزلها عما ادعت الا بحجه لما عجز المشايخ والعلماء من ايتان الدليل ذكرو الامام الهادي (عليه السلام)
فقالوا احضر بن الرضا الامام الهادي (عليه السلام). فلعل عنده شيء من الحجة غير ما عندنا اضطر الى ان يبعث الى الامام الهادي (عليه السلام) فحضر فأخبره المتوكل بخبر الامرأة فقال (عليه السلام) ((كذبت فأن زينب (ع) توفيت سنة كذا وشهر كذا ويوم كذا)) قال المتوكل فأن هؤلاء رؤوا مثل هذه وقد حلفت ان لا انزلها الا بحجة تلزمها فقال الامام الهادي (عليه السلام)لا عليك فهاهنا حجة تلزمها غيرها قال المتوكل وما هي ؟ قال الامام (ع):لحوم بني فاطمة محرمة على السباع فأنزلها الى القفص السباع فأن كانت من ولد فاطمة فلا تضرها ولا تمسها بسوء فقال لها المتوكل: ما تقولين؟ فقالت انه يريد قتلي قال بعض اعداء الامام (ع): وهو يحيل على غيره: لم لا يكون النازل الى السباع؟ فمال المتوكل
الى رأيهم رجاء ان يتخلص من الامام(ع) دون ان يقتله هو فقال للإمام: يا ابا الحسن لم لا تنزل انت الى السباع؟ قال الامام (ع)ذلك اليك فأتي بسلم وفتح عن السباع وكانت سته من الاسد فنزل الامام الهادي (ع) اليها فلما دخل وجلس صارت الاسود اليه فرمت بنفسها بين يديه ومدت بأديها ووضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح على رأس كل واحد منها ثم يشير اليه بيده الى الاعتزال فتعتزل ناحية حتى اعتزلت كلها وأقامت بأزائه. فأعتذر المتوكل من الامام (ع)وقال يا ابا الحسن ما أردنا بك سوء وانما أردنا ان نكون على يقين مما قلت فأحب ان تصعد فقال لها المتوكل انزلي يعني عليك ان تنزيل هذه المرة قالت الله الله ادعيت الباطل وقد حملني فلان على ما قلت وما ادعيت قال المتوكل ألقوها الى السباع فالتمست امها من المتوكل وطلبت ان تهبها لها فعفى المتوكل عنها.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز