
كتبت د. سرى غضبان غيدان: يعد الصراع في أوكرانيا من أكثر الصراعات تعقيداً في الوقت الحالي، ورغم المحاولات الدولية إلا أن طاولات الحوار لم تستطع حسم هذا النزاع القائم منذ عام 2014، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها للمتمردين في مناطق دونباس (شرق أوكرانيا).
ويتجدد الصراع مرة أخرى في عام 2022 لا بل جر البلاد إلى ساحات الحرب والفتاكة، حرباً شهدت تغيرات استراتيجية وتقلبات ميدانية وتدخلات دولية، فضلاً عما خلفته من تأثيرات سياسية اقتصادية واجتماعية، وذلك لأن أوكرانيا تعد دولة جيوبوليتكية استراتيجية لموقعها بين أوروبا الشرقية وروسيا، وهي تقع في قلب أوراسيا، مما يجعلها نقطة تواصل بين الشرق والغرب.
إن الصراع في أوكرانيا هو ترجمة للصراع بين القوى الاستراتيجية الكبرى في العالم، خاصة بعد سعي الأخيرة للانضمام في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وهذا ما اعتبرته روسيا يمثل تحدياً وتهديداً لنفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية البالغة الأهمية، وباتت أوكرانيا تشكل منطقة توتر دائم لروسيا، لا سيما الجوانب الأمنية والعسكرية لها.
فأوكرانيا هي تقاطع جغرافي استراتيجي بين روسيا وأوروبا الغربية، وتعد لاعباً مهماً في استراتيجية التوازنات الدولية ما بين الشرق والغرب، ولا بد من وقف الحرب والتدخل السريع لحل الأزمة والوصول إلى اتفاق مبدئي يخرج أوكرانيا من دائرة صراع النفوذ المتحور حولها.
كما بادرت الولايات المتحدة في الأيام الماضية وبالاتفاق مع أوكرانيا في الاجتماعات التي عقدت في جدة المملكة العربية السعودية بشأن اعلان الهدنة ولمدة 30 يوماً على الجانب الروسي، وضمن مفاوضات وقف إطلاق النار، بالمقابل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لم يدلِ بأي شيء تجاه ذلك وموقفه متحفظ إلى حد الآن، وعليه أعلن وزير الخارجية الأمريكي (ماركو روبيو) في اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو، والذي عقد في بروكسل، أن ترامب لا يحتمل مماطلة بوتين لفترة أطول من ذلك.
وروسيا لوحت نوعاً ما أن لها مطالب عسكرية في حال قبولها بالهدنة، ومن المحتمل أن تكون الهدنة بالنسبة لروسيا ماهي إلا استراتيجية تسعى من خلالها أوكرانيا إلى إعادة ترتيب صفوفها العسكرية.
وفي حال استمر الرئيس الروسي بهذا النهج بخصوص حرب أوكرانيا، فما هو الرد الأمريكي القادم، هل ستدعم أوكرانيا عسكرياً وبشكل عالي التكتيك؟ أم ستفرض عقوبات اقتصادية على روسيا؟ وما هو مصير أوكرانيا القادم في ظل صراع متراوح ما بين الشرق والغرب، مع تمسك كل لاعب دولي برؤيته الخاصة التي تخدم مصالحه مع تناسي الآثار المتراكمة والمترتبة لهذا النوع من النزاع.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز