حليمة خليل الجبوري
إن من نِعَمِ الله تعالى على البشرية إلهام علمائها لابتكار واختراع كل ما يسهل الحياة، ويغنيها، ويوفر الحلول لمشاكلها التي كانت تعيق حركة تطورها وازدهارها، ومن أهم ابتكارات العصر الحديث هي الأجهزة الالكترونية المختلفة، وكما أن لكل اختراع ايجابيات وفوائد، وفيها سلبيات وأضرار لهذا فالأجهزة الإلكترونية أيضاً لها ايجابياتها إذا تم استخدامها بالشكل الصحيح السليم والمعقول، لكنها ستتحول الى أجهزة ضارة ومضرة، ولها آثار سلبية إن استخدمت بالشكل الخاطئ.
لقد أصبحت هذه الأجهزة الشغل الشاغل لأطفالنا (على اختلاف مراحلهم العمرية)، وازداد استخدامها من قبلهم ساعات طويلة، الأمر الذي جعل الآباء والأمهات يمتعضون ويشتكون من هذا الحال، فالإدمان على استخدام الأجهزة (الذكية واللوحية) بات يتسبب في خلق مشاكل مختلفة لأبنائهم، سواء كانت صحيّة، أو نفسية، أو اجتماعية، ومما زاد من قلق الأبوين الانتشار الواسع لهذا السلوك بين الأقران والجيران والمجتمع كله حتى باتت (ظاهرة عامة)، ومشكلة مُلِحّةً لا بدّ من دراسة أسبابها وايجاد الحلول والمعالجات لها، مع تشخيص الادوار والمسؤوليات لكل من الدولة، والمجتمع، والأسرة، والمدرسة.
لا يمكننا أن ننكر الأثر الإيجابي الكبير الذي لعبته التكنولوجيا الحديثة، وباستخدام الأجهزة والتطبيقات المختلفة في ظل جائحة كورونا (كوفيد 19) العالمية، فقد كانت الحل الوحيد لاستمرار الحياة والتعلُّم، عبر استخدام هذه الاجهزة الالكترونية والتطبيقات الذكية، كما أننا لا يمكن إلّا الاعتراف بفوائد وايجابيات هذه التكنولوجيا مثل:-
1-توفر الاجهزة الالكترونية فرص تعليمية غنية، مما يجعل الاطفال في المدارس يشاركون بفعالية في عملية التعلم، ومن خلال التواصل مع معلميهم وزملائهم وأصدقائهم، ومشاركة الافكار وتعلّم المهارات والخبرات فضلا عن المعلومات.
2-التعلم خارج الصف التقليدي، عبر الانترنت ،والتطبيقات ومنصات التعليم الالكترونية.
3-تعلّم المهارات المختلفة والتوسع في تناول المصادر التعليمية خارج المنهج المقرر والمدرسة.
فضلا عما توفره من القدرة على متابعة الابناء ورعايتهم والاطمئنان عنهم عبر هذه الاجهزة، فضلا عن التواصل الاجتماعي مع ذوي الرحم والاصدقاء وانجاز الكثير من الامور الحياتية والاجتماعية بوساطتها مما يقلل الوقت والجهد والتكاليف.
وكما هو ديدن الأبوين في إحساسهم العالي بالمسؤولية أدركوا أن الابناء يقضون معظم أوقاتهم أمام الهواتف الذكية أو اللوحية ليس بهدف التعلّم والتواصل الايجابي، بل للتسلية وقضاء الوقت، لا سيما للأطفال دون سن المدرسة، وبشكلٍ مَرَضيّ خاطئ، الأمر الذي جعل ناقوس الخطر يدقّ بشدة للبحث عن الحلول، والمعالجات المناسبة؛ للتخلص من التأثيرات السلبية لهذه المشكلة والتي تتمثل بالآتي:-
1-الأضرار الصحية الكثيرة على الأطفال، وهذا ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة ومن هذه الأضرار (التأثير السيء على العينين وأصابتها بمشاكل قصر النظر، ومشاكل السمنة بسبب قلة الحركة والجلوس لساعات طويلة، ومشاكل الرأس والرقبة والعمود الفقري وانحناء الكتفين بسبب وضع الانحناء وتقديم الرأس على هذه الأجهزة الالكترونية، قلة النوم والقلق بسبب الخطر الكبير للأشعة المنبثقة منها (الاشعة الكهرومغناطيسية).
2-تأثيرات سلوكية ضارة كالعدوانية، والغضب، والصراخ عند خسارة لعبة أو الفشل في الانتقال الى مرحلة أخرى من مراحلها، فضلاً عن فرط الحركة وعدم التركيز والانتباه، وقلة المتابعة (بين عمر 2-6 سنوات).
3-الإفراط في استخدام الاجهزة الالكترونية عند الاطفال يؤدي الى مشاكل اجتماعية وحدوث اضطرابات في علاقة الطفل بوالديه وأشقائه وزملائه إذ أنه يلجأ للوحدة، مما قد يصيبه بمرض طيف التوحد الخطير.
4-خطورة بعض الالعاب الالكترونية المدسوسة لأغراض تخريب المجتمعات وهدمها، والتي تسعى للتحكم بالطفل، وتوجيهه بما قد يتسبب في موته، أو ارتكاب جرائم في محيطه كما حدث في لعبة الحوت الازرق وغيرها.
5-مشكلة الادمان بسبب الاستخدام المستمر للأجهزة الإلكترونية، والذي يتسبب بتلف لخلايا الدماغ ،بتأثير الاشعة المنبعثة، أو بسبب اتصال الجهاز المستخدم بقابس الكهرباء عند الاستعمال ولفترات طويلة.
مسؤولية الآباء أمام الافراط في استخدام الاجهزة الالكترونية:-
1-القدوة الحسنة: أي أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأطفالهم، فقد ذكر مؤلفا كتاب (الأطفال يتعلّمون مما يعيشونه) وهما (الدكتورة دوروثي لونولتي، والدكتور راشيل هاريس) في نهاية خمسينات القرن الماضي أن الأطفال يتعلّمون من والديهم باستمرار، فهم ينتبهون إليهما بشدة، وربما لا يهتمون بما تخبرهم بما يجب عليهم أن يفعلوه، لكنهم بالتأكيد يهتمون بما يرونك تقوم به بالفعل (العادات والسلوك) فأنت القدوة الأولى، والأقوى تأثيراً، لذا فإن دور الوالدين عظيم ونبيل، ولا يمكن أن نبخس حقهما في التأثير، وفي خلق مستقبل أفضل للمجتمع كله وليس لأبنائهم فقط.
وبالتالي فإن استخدام الوالدين الصحيح المُقنَن للأجهزة الإلكترونية يجعلهم قدوة حسنة لأبنائهم، فجميعنا يعرف أن الطفل في السنوات الخمس الأولى من حياته يتعلّم ب(التقليد والمحاكاة)، وبما أن الأسرة هي الحاضنة والبيئة الأولى التي تكوّن وتبني شخصيته المستقبلية؛ فعليها تقع المسؤولية الأكبر في إكساب الطفل العادات الصحيحة وغرس القيم الحسنة.
إن الدور الكبير للأبوين يتطلب أن يكونا واعيين لاحتياجات الطفل النفسية والعقلية والجسدية، والالمام بخصائص مراحل نموه، ومدركين الأساليب وطرق ووسائل فن التعامل والتواصل مع طفلهما.
2-التأكيد على دور المدرسة (المؤسسات التعليمية) الكبير في توعية الأطفال، والآباء أيضاً بالاستخدام الصحيح غير المفرط للأجهزة الالكترونية، والتخطيط له بقوانين يشترك الطفل في وضعها، والتأكيد على تنويع الانشطة والفعاليات الحركية المفيدة، من أجل اشباع حاجاتهم النفسية والبدنية، وحسن التواصل معهم من أجل خلق حاضر جميل لأطفالنا، ومستقبل أفضل وصحيّ.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز