كتب د. وائل الشهابي:
١. آمرلي
آمرلي هي ناحية تتبع إدارياً إلى محافظة صلاح الدين واقعة على وادي (كور دره) الذي يقسمها إلى نصفين. سكانها وعددهم 44202 نسمة عام ٢٠١٤م غالبيتهم من الشيعة التركمان.
٢. الحصار
بعد سقوط المحافظات الثلات (الموصل وصلاح الدين والانبار) بيد تنظيم د١عش الاره١بي عام ٢٠١٤م نتيجة لعشرات العوامل الداخلية والخارجية. استطاع التنظيم وسط انسحابات سريعة ومخزية للقوات الأمنية من الجيش والشرطة أن يسيطر على مناطق شاسعة من كركوك وصلاح الدين. ولكن ناحية آمرلي ذات الغالبية الشيعية الموالية رفضت الاستسلام مما حدى بالتنظيم المجرم إلى قطع الماء والكهرباء والغذاء وتطويق المدينة من كل الجهات. أملاً باستسلامها الذي استمر ٨٣ يوماً.
٣. الصمود الأسطوري
في بداية الحضور تواصلت مع أصدقاء لي من داخل المدينة برغم ضعف شبكة الاتصالات. إلا أنهم كانوا يصعدون فوق المنازل لتقوية الشبكة ويستخدمون بطاريات سياراتهم لشحن هواتفهم.
كنت أتواصل مع مكتب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية الدكتور عمار طعمة الحميداوي لغرض تأمين الأغذية والأدوية والسلاح الذي كان يلقى من الطائرات المروحية لأبطال الجيش العراقي إلى وسط المدينة. والذي ساهم بثبات هؤلاء الأبطال في خنادق المواجهة.
صنع الأهالي عدة خطوط مواجهة وكانت النساء تحشم الرجال بالأهازيج والنداءات الحسينية وكانت همرات ودبابات التنظيم الذي استخدمها للهجومات المتكررة للسيطرة على الناحية تتحطم بضربات سواعد المق١ومة الشعبية المنقطعة النظير. وكنت اتصل بشكل شبه يومي بهؤلاء الأبطال وأستمع إلى قصص الثبات والصبر وتقاسم الرغيف ورعاية المرضى وقصص نقل المصابين عبر المروحيات برغم المخاطر الكبيرة التي كانت تحف بهذه العملية.
فشل التنظيم طوال ٨٣ يوماً من اقتحام المدينة بفضل صمود أبناءها والدعم النفسي والعسكري واللوجستي الذي حصلوا عليه. حيث كان دور النائب الدكتور عمار طعمة الحميدواي محورياً سواء بالتواصل مع الأهالي أو بالتنسيق لعمليات الإغاثة أو من خلال تنسيق عمليات التحرير.
٤. تحرير آمرلي
تزامناً مع الدعم الغذائي والنفسي والإغاثي والعسكري شنت قوات الجيش العراقي مسندة بقوات الحسد السعبي وقوات البيشمركة وبطيران الجيش والتحالف الدولي هجوماً من عدة محاور لفتح الطرق المؤدية للمدينة، وكان الهجوم من أربع محاور وقد وصلت طلائع قوات الجيش العراقي إلى داخل المدينة يوم ٣١ آب ٢٠١٤م من المحور الجنوبي المحاذي لقرية يكنجة التركمانية. فيما استمرت المحاور الأخرى بالتقدم ووصلت طلائع قوات الحشد الشعبي إلى المدينة خلال اليومين الآخرين. وتحررت المدينة وشارك أبناءها بالتطوع في صفوف الحشد الشعبي البطل لاستكمال تحرير باقي مدن العراق المغتصبة من قبل تنظيم د١عش الإره١بي.
٤. أسطورة الصمود … درس للأجيال
يجب على كل منصف وغيور أن لا يمر على تجربة صمود ناحية آمرلي مر الكرام وأن لا تذهب هذه البطولات التي ما كانت لتكون لولا الولاء الصادق لأهالي آمرلي. لدينهم وثباتهم على ولاية أهل البيت ع، التي اكسبتهم روح المق١ومة والثبات الأسطوري. وكذلك يجب أن تثبت تضحيات وجهود كل الأبطال من كافة القوات الأمنية الذين ساهموا بهذا النصر. وكذلك جهود الخيرين من أمثال د. عمار طعمة وزملاءه الذين واصلوا الليل بالنهار لإنقاذ أهالي آمرلي من الحصار.
٨٣ يوماً من البطولة والفداء والصمود والتحدي وكل معاني الصبر والايثار والتآزر يجب أن تدرس في كل مدارسنا وتنشر فيها المقالات والكتب والقصص والروايات. لتؤكد أنه وسط الهزائم لم يقف شيعة أهل البيت (ع) وأبناء العراق الغيارى مكتوفي الأيدي وأنهم سطروا أروع معاني البطولة.