‘ما بين أسباب ومطالبات‘.. قرار رفع أسعار البنزين في العراق يثير جدلاً كبيراً
بغداد_النعيم نيوز
قبل أيام، قرر مجلس الوزراء، زيادة سعر البنزين المحسن من 650 ديناراً إلى 850 للتر الواحد، والبنزين الممتاز من 100 دينار إلى 1250 ديناراً، وذلك اعتباراً من الأول من شهر أيار المقبل.
وفي محاولة لعدم التأثير على أصحاب سيارات الأجرة، والمواطنين محدودي الدخل، فقد أبقت الحكومة أسعار الوقود العادي، البالغة 450 دينار للتر الواحد، على حالها.
ويهدف قرار رفع أسعار الوقود، بحسب الحكومة، إلى تشجيع النقل الجماعي للموظفين لتقليل الازدحام المروري، واعتماد استخدام الغاز للسيارات كوقودٍ بديلٍ للسيارات أقل تكلفة، في ظل وجود أكثر من 8 ملايين سيارة تتسبّب في اختناقاتٍ مرورية، وتؤثر في قطاعاتٍ اقتصادية عدة.
أسباب متعددة
هناك عدة أسباب لرفع الحكومة أسعار البنزين المحسن، فصلتها لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعيَّة البرلمانيَّة، ومن بينها أن هذا الرفع، جاء بسبب ارتفاع أسعار البنزين المحسن الخارجية، وعدم استقراره على سعر ثابت، فالحكومة تستورده وتدعم أسعاره.
وبيّن عضو اللجنة، ناظم الشبلي، في تصريح للصحيفة الرسمية، أنَّ “المستهلكين لمادة البنزين المحسّن هم من الطبقات المتوسطة، وليس الفقيرة، بمعنى أنَّ هذا الأمر لا يستهدف الطبقة الفقيرة والكادحة”.
وأكد، أنهم “لا يبررون للحكومة رفع الأسعار، وأنه في حال كانت هناك محاولات لرفع البنزين العادي، فلجنة النفط ستقف مع المواطنين وتبدي عدم موافقتها”.
وفي السياق ذاته، نفى مصدر في الحكومة، لوكالات محلية، وجود نية لرفع أسعار وقود البنزين النوع العادي، بعد رفع أسعار المُحسّن والسوبر في البلاد، مؤكداً أن سعره ثابت، وهو 450 ديناراً للتر الواحد.
وفيما يتعلق أيضاً بأسباب هذا القرار، فقد أشار عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية، النائب علي شداد، إلى أن قرار مجلس الوزراء، يأتي في محاولته لوقف استيراد وقود السيارات، والاعتماد على الوقود المنتج محلياً، كما أنه يأتي امتثالاً لشروط البنك الدولي لدعم العراق مالياً.
وبحسب شداد، فإن قرار رفع أسعار بعض أنواع البنزين، قد يكون له مردود إيجابي في بعض الجوانب، ومنها خلق حالة من التوجه نحو مصادر الوقود الأخرى كالغاز الذي يعد سعره رخيص جداً، مقارنة بأسعار البنزين، إضافة إلى البحث عن بدائل للطاقة كالطاقة الكهربائية والشمسية وغيرها، وهي ستساهم أيضاً في تحقيق التزامات العراق تجاه ملف أزمة المناخ، وخفض مستويات التلوث.
لجنة “مساءلة”
دعت عضو لجنة النزاهة النيابية، سارة الصالحي، رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، إلى تشكيل لجنة تحقيق تتولى مساءلة الحكومة، بشأن رفع أسعار البنزين.
واقترحت الصالحي في كتاب وجهته إلى المندلاوي، أن تقوم اللجنة بإجراء تحقيق شامل، لتحليل أسباب رفع أسعار الوقود، وتقديم تقرير نيابي مفصل عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا القرار، وعرضه للرأي العام.
وأيضاً، إلزام الجهات المعنية بتوضيح سبب القرار وآثاره المتوقعة واقتراح سياسات وإجراءات بديلة، للحفاظ على استقرار أسعار الوقود، وتقليل تأثيرها على الشرائح الاجتماعية الأضعف.
كما كلفت رئاسة مجلس النواب، لجنة النفط النيابية، بإجراء تقييم شامل لقرار رفع أسعار البنزين المحسن من قبل الحكومة، من أجل بيان أسبابه والوقوف على تأثيره والنقاط التي دفعت إلى هذا الخيار، وفق ما كشفه النائب أمير المعموري.
وسيشهد التقييم استضافة مسؤولين في وزارة النفط وبقية التشكيلات، من أجل الوقوف على إجابات موضوعية لكل تساؤلات البرلمان.
خسارة سنوية
تفاوتت آراء المختصين حول قرار رفع أسعار البنزين، فمنهم من رأى أن وراء القرار أسباباً “باطنية”، تتعلق بالخسائر التي تتكبدها الدولة جراء دعم أسعار الوقود، وهو ما أشار إليه أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، حيث قال: إن “أسعار البنزين ترتبط بدرجة كبيرة بأسعار النفط الخام، إذ بلغ سعر لتر البنزين المحسن عام 2021 نحو 1000 دينار لكل لتر، وهو ما أدى إلى تحمل العراق لخسارة سنوية مقدارها أكثر من مليار دولار، لدعم سعر البنزين المحسن داخلياً”.
من جهة أخرى، اعتبر الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي، مصطفى أكرم حنتوش، قرار الحكومة برفع أسعار البنزين المحسن والبنزين الممتاز، ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على الطبقة الوسطى والفقيرة، وهذا الأمر ستكون له ارتدادات على رفع سعر أجور النقل العامة.
وعن الارتدادات السلبية الأخرى، سيلقي القرار بظلاله على رفع أسعار المواد في السوق من المواد الغذائية وغيرها، فهذه المواد تنقل بواسطة سيارات، وأصحاب تلك السيارات سوف يرفعون أجرة النقل بعد زيادة أسعار البنزين، خاصة وأن أغلب العراقيين أصبحوا يستخدمون البنزين المحسن بدلاً من العادي، الذي هو من نوعية سيئة جداً، ويؤثر على السيارة من حيث العمل، ويتسبب في أعطال مختلفة في المحرك، وفق ما صرح به الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي، لموقع “العربي الجديد”.
ردود أفعال
واحتجاجاً على قرار رفع أسعار البنزين، خرجت تظاهرة حاشدة في البصرة، وتجمع المحتجون في شوارع المدينة، رافعين شعارات تطالب بإلغاء القرار، الذي يمثل ضربة للطبقات الفقيرة والمتوسطة، مهددين بنقل المظاهرات إلى حقول النفط والموانئ وغلقها.
ودعت حركة “نازل أخذ حقي” السياسية، الحكومة إلى إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه، والعزوف عن إضافة التعقيدات المعيشية للمواطنين.
وفي بيان لها، أعلنت الحركة، أنها لن تتوانى في العودة مرة أخرى، وفي جميع ساحات الاحتجاج، من أجل المطالبة بالحقوق.
أما رواد مواقع التواصل الاجتماعي فسرعان ما تفاعلوا مع هذا القرار، وأبدوا آرائهم ووجهات نظرهم، فمنهم من قال إن “رفع سعر البنزين يزيد من رفع سعر البضائع، مما يؤثر على الأسر العراقية، وبالأخص أصحاب الدخل المحدود”.
وكانت شركة توزيع المنتجات النفطية، قد أكدت في 20 آذار الحالي، انخفاض كمية استيراد البنزين إلى النصف بعد تشغيل مصفى كربلاء، وأشارت إلى أن خطة الوزارة لإنهاء استيراد البنزين، ماضية وفق سقفها الزمني.
وبعد تشغيل مصفى كربلاء، انخفضت كمية استيراد البنزين إلى 7 ملايين لتر، بعد أن كان العراق يستورد 14 مليون لتر.
ومن الجدير بالذكر أن العراق تقدم، خلال شهر كانون الثاني عام 2024، مرتبة واحدة في قائمة أرخص دول العالم بأسعار البنزين، ليصل للمرتبة 13 بسعر 0.572 دولار للتر الواحد، وفقاً لما أظهرته بيانات موقع “غلوبال بترول بريس”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز