كتب باسم محمد حبيب: أشعر بإحراج كبير وأنا أكتب مقالة أطالب فيها بحق محافظتي أو منطقتي في الإعمار والخدمات أو أن تتساوى في مشاريع الإعمار والخدمات مع المحافظات الأخرى، لأننا نحب جميع المحافظات العراقية ولا نفرق بين محافظة وأخرى، لكن للضرورة أحكام كما يقولون، إذ أننا نعرف جيداً ما تحتاجه هذه المحافظات من مشاريع في مجالات كثيرة بحكم عيشنا فيها فضلاً عما واجهناه وما نواجهه الآن من معاناة بسبب سوء الخدمات وقلة مشاريع الإعمار.
والحقيقة أن ما يشجعنا على مواصلة الكتابة في أمر كهذا هو تفهم أخوتنا في المحافظات الأخرى لأوضاعنا وتعاطفهم مع معاناتنا. فبعد كل مقال أكتبه حول تراجع مستوى الإعمار في محافظات الجنوب أتلقى رسائل تتضمن التأييد والدعم من عدد من أخوتنا من أبناء تلك المحافظات. وهم يعربون فيها عن أسفهم البالغ لأن هذه المحافظات المعانية و المضحية لم تحظ بحقوقها مثلما يأمل ويتمنى أبناؤها.
ولا ننسى الواقع العراقي المبني على المحاصصة والتقسيم المناطقي سواء السياسي أو الإداري أو الاقتصادي، فهو أيضاً مما يدفع إلى ذلك، لأن إعماراً جيداً في إقليم كردستان مثلاً لا بد أن يجعلنا نقارنه بواقع سيئ في الجنوب ولا مناص من ذلك. من دون أن يمنعنا ذلك بالطبع من الفرح لمستوى الإعمار الذي حققته كردستان حتى وإن كان هذا المستوى أقل من المأمول وأقل مما يتمناه أخوتنا في الإقليم.
كما أننا عندما نشير إلى مستوى الإعمار الجيد في هذه المحافظة وهذا الإقليم فإننا لا ندعو إلى تقليص مستوى الإعمار فيهما بل على العكس من ذلك ندعو إلى أن يستمر ذلك على المنوال نفسه لا بل ويزيد أكثر. لأن أي نجاح يحققه الإقليم أو المحافظة الفلانية هو نجاح لنا جميعاً، وهو يفرحنا بقدر فرحنا بما ينجز في محافظاتنا.
وعلى الرغم من أن تباين مستوى الإعمار والخدمات بين المحافظات قد يكون ناتجاً بالدرجة الأساس من سوء أداء بعض مسؤولي المحافظات وقلة اهتمام بعضاً من ممثليها بشؤونها وحاجاتها وليس من سوء توزيع مشاريع الإعمار والخدمات الذي يمكن عده تقصيراً من المركز تجاه هذه المحافظات. إلا أن هذا الأمر أيضا لا ينفي صفة التقصير لأنه يدل على غياب المتابعة والمحاسبة. فضلاً عن تفشي الفساد والمحسوبية بقدر أكبر في بعض المحافظات ومن دون وجود اهتمام كاف من المركز أو من مؤسساته التنفيذية والقضائية.
فقلة مشاريع الإعمار وتحسين الخدمات في محافظات الجنوب لا يجب أن يمر من دون مساءلة شعبية لمسؤولي هذه المحافظات ولممثليها في البرلمان والحكومة. ولا بد أن يطرح عليهم السؤال التالي: لماذا لم تحظ هذه المحافظات بحصتها من مشاريع الإعمار والخدمات أسوة بالمحافظات الأخرى؟. ولماذا توجد المئات من المشاريع غير المنفذة أو المتلكئة؟ وما مصير الأموال التي خصصت لها؟. فالسكوت عن هذا التقصير الواضح يعني حصول المزيد من التقصير والمزيد من الإهمال والنهب.. فحقوقنا وحقوق أولادنا وأحفادنا رهن بما نقوم به من أجل ضمان هذه الحقوق.