كتب عباس الصباغ: تحفّظ العراق على بعض قرارات مؤتمر “كوب 28″، الذي انعقد في الإمارات مؤخراً التي منها التخلي عن الوقود الأحفوري، فالعراق ما زال يسعى إلى تحقيق العدالة المناخية مع الأخذ، بنظر الاعتبار احتياجات الدول النفطية ـ كالعراق ـ وظروفها الخاصة وبما يتناسب مع اتفاق باريس للتغيرات المناخية كونه أحد البلدان المهمة في تصديره اقتصاده بشكل شبه تام على النفط.
وكان من مخرجات “كوب 28” وجوب التخلص من الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز والتوجه نحو الطاقة النظيفة المستدامة لتجنّب آثار تغير المناخ السيئة، خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريباً بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام/ 2050، وقد جاءت مقررات “كوب 28” على خلفية التدهور المناخي العالمي وبلوغ الاحتباس الحراري حدا لا يطاق خاصة في فصل الصيف، لا سيما العراق الذي يعدّ خامساً على مستوى العالم بالتغيرات المناخية الحادة إذ يُضطرّ ـ وهذا شيء حتمي مستقبلاً ـ إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وتحقيق التحول اللازم نحو الاستدامة في توفير مصادر الطاقة أولاً.
وقد خطا العراق في هذا المجال خطوات مهمة مثل السعي إلى استغلال الغاز المصاحب ومنع حرقه تفادياً لانبعاثات غاز الميثان واستغلاله اقتصادياً لتوليد طاقة نظيفة، وبالوقت نفسه تحويل المحطات البسيطة إلى محطات مركَّبة في الكهرباء لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات، إضافة للسعي إلى محطات الطاقة الكهربائية من أشعة الشمس وغيرها من الفعاليات التي قامت بها الحكومة مؤخراً.
واقتصادياً لا بد من اتخاذ خطوات اقتصادية تنتشل البلد من ريعية النفط وتقليل الاعتماد المفرط على جانب اقتصادي واحد ثانياً، فالمهمة التي تناط بصاحب القرار ليست سهلة فهي مزدوجة اقتصادية ـ طاقوية ـ مناخية، وإن كان العراق يأمل حثيثاً باستمرار تدفق واستمرار الوقود الأحفوري، من أجل ديمومة اقتصاده في الأفق المنظور في الأقل، لكن الثمن المناخي سيكون باهظاً ومن أجل تحقيق ذلك يجب التخلص وبسرعة من الاعتماد على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة ومستدامة، رغم الاعتماد شبه الكامل على النفط مع ضمور بقية القطاعات الاقتصادية، كالزراعة والصناعة والسياحة (بكل اشكالها) وتدهور ملف الاستثمار.
وما زال أمام العراق شوطاً كبيراً، لتجاوز هذا الخلل الاقتصادي البنيوي الكبير، في حالة التخلي المفاجئ (او التدريجي) عن النفط ـ الذي ما زال يموّل الموازنات المالية للبلد منذ خمسينيات القرن الماضي ـ وبدون وجود القطاعات المساندة له سيكون الواقع الاقتصادي في خطر، إذ سيقلّ معدل الموازنة العامة السنوية بشكل كبير ولا يلبّي طموحات التمويل المالي للموازنات التشغيلية والتنمية المستدامة، وكان الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش قد حذّر من استمرار الاعتماد على الوقود الاحفوري قائلاً: (إن عصر الوقود الأحفوري يجب أن ينتهي) وفي هذا التحذير الأممي جرس إنذار مبكر لصانع القرار الاقتصادي/ الطاقوي العراقي، خاصة يتحدد بموجبه مستقبل الاقتصاد العراقي وآفاق الطاقة “المستدامة ” فيه.
والتحدي الآخر هو تأمين مصادر الطاقة البديلة، حالياً يعتمد العراق بشكل كبير على الوقود الأحفوري ونتيجة لمخاطر التغييرات المناخية يكون أفضلَّ حلٍ مناسب هو الطاقة النظيفة المستدامة كالطاقة الشمسية، ولا يخفى على المتابع أن العراق تواجهه تحديات اقتصادية مستقبلية بالغة الأهمية بسبب اعتماده شبه الكلي على النفط، إن تحقيق هذا التحول يتطلب تحسين الإدارة الاقتصادية ومكافحة الفساد، إلى جانب توفير البيئة الملائمة للاستثمار وتعزيز البنية التحتية وتوفير فرص العمل الكافية، للعاطلين عن العمل.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز