أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بمسجد جنات النعيم في محافظة كربلاء المقدسة، بإمامة الشيخ حسن ياسر الغزي.
وفيما يلي نص خطبتي صلاة الجمعة، وتابعتهما “النعيم نيوز”:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
الخطبة الأولى: هدهد سليمان والحكومة العادلة
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (24).
نتعرض لهذه الآيات المباركات ملفتين الأنظار أننا في شهر رجب الذي يعتبر محطةَ تأهيليةَ للشهر الكريم – أعني شهر رمضان – و بما أن شهر رمضان يعد ربيع القرآن فينبغي للمؤمن أن يتهيأ معنوياً وروحياً للحضور في مجالس القرآن وتلاوة القرآن وفهم عبارات القرآن على الأقل على صعيد التفسير المبسط وبذل الجهد في سبيل العمل بالقرآن الكريم وهذا (أي العمل بالقرآن) هو سبب نزول القرآن الكريم فكما يعبرون أن القرآن الكريم ليس كتاب تأريخ بل هو كتاب شامل لكل شيء فيه تبيان كل شيء، قال تعالى: (ونزلنا إليك الكتاب تبياناَ لكل شيء) فلهذا ينبغي- وأنا ونفسي أحق بالنصح- أن نجتهد في التهيئة لأن يكون القرآن منهجاً ملازماً لنا في حياتنا.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال (إقرأوا القرآن واستظهروه فإن الله تعالى لايعذب قلباَ وعى القرآن) يشير القرآن الكريم في هذا القسم من الآيات إلى جانب من حياة سليمان عليه السّلام المدهشة، وما جرى له مع الهدهد وملكة سبأ فيقول أوّلًا: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْر) وهذا التعبير يكشف هذه الحقيقة، وهي أنّ سليمان عليه السلام كان يراقب وضع البلاد بدقّة، وكان يتحرى أوضاع حكومته لئلا يخفى عليه غياب شيء، حتى لو كان طائراً واحداً..
ونحن إذ نتطرق لقصة سليمان عليه السلام والهدهد إنما نريد أن نلفت الانتباه إلى عدة ملاحظات تنفعنا في أية حكومة نكون فيها وطبعاً لا أعني ما يتبادر للذهن من الحكومة السياسية فقط وإن كان هذا هو المصداق الأجلى ولكن هناك حكم على صعيد الأسرة مثلاً وعلى الصعيد الوظيفي والقضائي وميادين أخرى كثيرة ..روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم).
وعن أمير المؤمنين قال:(اتّقوا اللّه في عباده وبلاده فإنّكم مسؤولون حتّى عن البقاع و البهائم، وأطيعوا اللّه ولا تعصوه) إذن كلنا مسؤولون، ولكن قد تختلف دائرة المسؤولية سعةً وضيقاً ولا يخلو أحدٌ منها فإنه مسؤول عن نفسه أولاً بتهذيبها وإصلاحها ثم عن أسرته وعائلته ثانياً وعن أصدقائه وزملائه في العمل وعن جيرانه وعن مجتمعه إذا كان في موقع المسؤولية السياسية أو الدينية وهكذا إلى أن تصل إلى ولاية أمور الأمة والمسؤولية العامة عن الناس وإدارة أمورهم ورعاية شؤونهم.
فكيف كان تصرف سليمان في هذه الحادثة المشهورة، ولكن تغيب عنا – مع شهرتها – الدروس والعبر التي يمكن أن نستوحيها منها. فالنبي سليمان عليه السلام كان يتحرى أوضاع البلاد بدقة وهكذا ينبغي أن يكون الحاكم أو المسؤول في حكومته أو المربي في أسرته ورئيس العمل في مؤسسته و …….. وقد ورد في عهد أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر ما يشير إلى هذا الأمر: (وأما بعد فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور. والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل. وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، وإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه، أو فعل كريم تسديه ؟ أو مبتلى بالمنع، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك، من شكاة مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة.) وهذا التعبير( ما لي لا أرى الهدهد) ثم قوله ( أم كان من الغائبين) لعله إشارة إلى أن غياب الهدهد هل كان لعذر مقبول أو لغير عذر؟وعلى أية حال، فان حكومةَ منظمة ومقتدرة يجب أن تجعل كل شئ يجري داخل اطار الدولة وتحت نظرها ونفوذها..
حتى وجود طائر واحد وغيابه، لابد أن لا يخفى عن علمها ونظرها… وهذا درس كبير لمن أراد التدبير. فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام (ليس ثواب عند الله سبحانه أعظم من ثواب السلطان العادل والرجل المحسن ) ومن أجل أن لا يكون حكم سليمان غيابيا، وأن لا يؤثر غياب الهدهد على بقية الطيور، فضلا عن الاشخاص الذين يحملون بعض المسؤوليات، أضاف “سليمان” قائلاً: (لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين).
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام (سياسة العدل ثلاث: لين في حزم واستقصاء في عدل وإفضال في قصد) والمراد من “السلطان” هنا هو الدليل الذي يتسلط به الإنسان من أجل إثبات قصده، وتأكيد هذا اللفظ ب “مبين” هو أنه لابد لهذا الفرد المتخلف من إقامة دليل واضح وعذر مقبول لتخلفه. وفي الحقيقة فإن سليمان قبل أن يقضي غيابياً ذكر تهديده اللازم في صورة ثبوت التخلف… وحتى هذا التهديد جعله في مرحلتين تناسبان الذنب… مرحلة العقاب بما دون الاعدام، ومرحلة العقاب بالإعدام.
وقد برهن “سليمان” ضمناً أنه – حتى بالنسبة للطائر الضعيف – يستند في حكمه إلى المنطق والدليل، ولا يعول على القوة والقدرة أبداً. ورد في عهد أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر : (املك حمية أنفك، وسورة حدك، وسطوة يدك وغرب لسانك. واحترس من كل ذلك بكف البادرة وتأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الإختيار. ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك. ….. ) ولكن غيبة الهدهد لم تطل (فمكث غير بعيد) عاد الهدهد وتوجه نحو سليمان: (فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين) وكأن الهدهد قد رأى آثار الغضب في وجه سليمان، ومن أجل أن يزيل ذلك التهجم، أخبره أولاً بخبر مقتضب مهم إلى درجة أن سليمان نفسه كان غير مطلع عليه، برغم ما عنده من علم، ولما سكن الغضب عن وجه سليمان، فصل الهدهد له الخبر، وسيأتي بيانه في الآيات المقبلة . ومما ينبغي الالتفات إليه أن جنود سليمان – حتى الطيور الممتثلة لأوامره – كانت عدالة سليمان قد أعطتهم الحرية والأمن والدعة بحيث يكلمه الهدهد دون خوف وبصراحة لا ستار عليها فيقول: (أحطت بما لم تحط به).
قال سماحة الشيخ اليعقوبي (حفظه الله): (وإذا أردنا نقل هذا المعنى إلى الحالة العامة فنفهم منها رفع الحواجز بين المسؤول والناس ومشاركة الناس في فعالياتهم ومشاركتهم همومهم وأفراحهم وأحزانهم ولا نقصد بالحواجز المادية فقط وإنما المعنوية أي بجعل الحواشي والحجّاب المانعين من وصول المظلومين والمحتاجين والبوح بمطالبهم من دون أي حزازة وقد يكون الحجاب بايجاد (أتكيت) أو (برستيج) خاص كالتي كانت تعرف في زمن الأمويين والعباسيين (رسوم دار الخلافة) وألفّت الكتب فيها، تعرف أحياناً في أوساطنا بالشأنية، فهذه كلها من مبتدعات الحكّام وليست من خصال الأنبياء (عليهم السلام) والأئمة وورثتهم من العلماء الصالحين، حيث لم يمّيز أحد منهم نفسه عن الناس كما وصف أحدهم أمير المؤمنين بقولـه ((كان فينــا كأحدنا)).
وفي عهد أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر قال: (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك. وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم.) فتعامل الهدهد ” وعلاقته ” مع سليمان لم يكن كتعامل الملأ المتملقين للجبابرة الطغاة.. إذ يتملقون في البدء مدة طويلة، ثم يتضرعون ويعدون أنفسهم كالذرة أمام الطود، ثم يهوون على أقدام الجبابرة ويبدون حاجتهم في حالة من التضرع والتملق، ولا يستطيعون أن يصرحوا في كلامهم أبدا، بل يكنون كناية أرق من الورد لئلا يخدش قلب السلطان غبار كلامهم .
أجل، إن الهدهد قال بصراحة: غيابي لم يكن اعتباطاً وعبثاً… بل جئتك بخبر يقين ” مهم ” لم تحط به، وهذا التعبير درس كبير للجميع، إذ يمكن أن يكون موجود صغير كالهدهد عرف موضوعا لا يعرفه أعلم من في عصره، لئلا يكون الإنسان مغروراً بعلمه حتى لو كان ذلك سليمان مع ما عنده من علم النبوة الواسع. وعلى كل حال، فإن الهدهد أخذ يفصل لسليمان ما حدث فقال: إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم.
لقد بين الهدهد لسليمان بهذه الجمل الثلاث جميع مواصفات هذا البلد تقريباً، وأسلوب حكومته فقال أولاً: إنه بلد عامر فيه جميع المواهب والإمكانات، والآخر إنني وجدت امرأة في قصر مجلل تملكهم، والثالث: لها عرش عظيم – ولعله أعظم من عرش سليمان – لأن الهدهد كان رأى عرش سليمان حتما، ومع ذلك يصف عرش هذه الملكة بأنه عظيم .
وقد أفهم الهدهد بكلامه هذا سليمان أنه لا ينبغي أن تتصور أن جميع العالم تحت ” نفوذ أمرك وحكومتك “! وأن عرشك هو وحده العرش العظيم ولما سمع سليمان (عليه السلام) كلام الهدهد غرق في تفكيره، إلا أن الهدهد لم يمهله طويلا فأخبره بخبر جديد.. خبر عجيب، مزعج مريب، إذ قال: وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فكانوا يفخرون بعبادتهم للشمس وبذلك صدهم الشيطان عن طريق الحق فصدهم عن السبيل. وقد غرقوا في عبادة الأصنام حتى أني لا أتصور أنهم يثوبون إلى رشدهم (فهم لا يهتدون) وهكذا فقد بين الهدهد ما هم عليه من حالة دينية ومعنوية أيضاً، إذ هم غارقون في الشرك والوثنية والحكومة تروج عبادة الشمس… والناس على دين ملوكهم. معابدهم وأوضاعهم الأخرى تدل على أنهم سادرون في التيه، ويتباهون بهذا الضلال والانحراف، وفي مثل هذه الظروف التي يرى فيها الناس والحكومة على خط واحد، فمن البعيد إمكان هدايتهم . هذه المسألة لم تكن مسألة ” ساذجة ” بسيطة، ولها أثر كبير في مصير بلد كامل وأمة كبيرة!.. فينبغي أن لا يكتفي بمخبر واحد، بل ينبغي التحقيق أكثر في هذا المجال: (قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين) . وهذا الكلام يثبت بصورة جلية أنه يجب الاهتمام في المسائل المصيرية المهمة، حتى لو أخبر بها ” فرد ” صغير، وأن يعجل في التحقيقات اللازمة ” كما تقتضيه السين ” في جملة ” سننظر” سليمان (عليه السلام) لم يتهم الهدهد فيحكم عليه بالكذب.. ولم يصدق كلامه دون أي دليل… بل جعله أساسا للتحقيق. ثم أضاف الهدهد قائلا: (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون) وكلمة ” خب ء ” على وزن (صبر) معناها كل شئ خفي مستور، وهي هنا إشارة إلى إحاطة علم الله بغيب السماوات والأرض، أي: لم لا يسجدون لله الذي يعلم غيب السماوات والأرض وما فيهما من أسرار؟ وما فسره بعضهم بأن الخب ء في السماوات هو الغيث، والخب ء في الأرض هو النبات، فهو – في الحقيقة – من قبيل المصداق البارز. والطريف في الآية أنها تتكلم أولاً عما خفي في السماوات والأرض، ثم تتكلم عن أسرار القلوب.
إلا أنه لم استند الهدهد من بين جميع صفات الله إلى علمه بغيب العالم وشهوده كبيره وصغيره؟ لعل ذلك لمناسبة أن سليمان – بالرغم من جميع قدرته – كان يجهل خصائص بلد سبأ، فالهدهد يقول: ينبغي الاعتماد على الله الذي لا يخفى عليه شئ في السماوات والأرض. أو لمناسبة أنه – طبقا لما هو معروف – للهدهد حس خاص يدرك به وجود الماء في داخل الأرض… لذلك يتكلم عن علم الله الذي يعلم بكل خافية في عالم الوجود. وأخيرا يختتم الهدهد كلامه هكذا (الله لا اله إلا هو رب العرش العظيم) وهكذا يختتم الهدهد كلامه مستندا إلى ” توحيد العبادة ” و ” توحيد الربوبية ” لله تعالى. مؤكدا نفي كل أنواع الشرك عنه سبحانه.
الخطبة الثانية :
الدروس والعبر المستوحاة من هذه القصة القرآنية:
ما قرأناه في هذا القسم من الآيات، فيه لطائف كثيرة ومسائل دقيقة، يمكن أن يكون لها كبير الأثر في حياة الناس وسياسة الحكومات جميعاً:
1 . فرئيس الحكومة أو المدير العام، ينبغي عليه أن يكون دقيقا في دائرته أو تشكيلاته التنظيمية، بحيث يتابع حتى غياب الفرد الواحد ويتفقده .
2. أن يراقب تخلف الفرد، وأن يتخذ الحكم الصارم، لكيلا يؤثر غيابه على الآخرين.
3. لا ينبغي أن يصدر حكما غيابيا أبدا دون أن يمنح المتخلف الفرصة للدفاع عن نفسه، مع الإمكان .
4. ينبغي أن يجعل لكل جريمة عقابا مناسبا… وأن يكون العقاب بمقدار الذنب، وأن يراعي سلسلة مراتبه.
5 . أن على أي شخص – حتى لو كان أكبر الناس، أو بيده أعظم المسؤوليات والقدرة الاجتماعية أن يذعن للمنطق والدليل حتى ولو صدر من فم أضعف الخلق .
6 . ينبغي أن تحكم الصراحة في محيط المجتمع، وأن يتمتع أفراده بالحرية بحيث يستطيع الواحد منهم عند اللزوم أن يقول لرئيس الحكومة: أحطت بما لم تحط به .
7 . من الممكن أن يكون أقل الأفراد على اطلاع ومعرفة، في حين أن أكبر العلماء وأصحاب النفوذ غير مطلعين، لكيلا يغتر أي إنسان بعلمه .
8 . في المجتمع البشري حاجات وضرورات متبادلة، بحيث قد يحتاج أكبر شخص فيه – كسليمان مثلا – إلى مساعدة أدنى شخص حتى ولو كان مثل الهدهد .
9 . بالرغم من أن في النساء قابليات كثيرة! وقصة سليمان نفسها حاكية عن أن ملكة سبأ كانت تتمتع بدراية كبيرة وفهم عال، إلا أن قيادة الحكومة لا تتلاءم مع حالة المرأة وروحها وجسمها، بحيث يتعجب الهدهد من هذه المسألة ويقول ( إني وجدت امرأة تملكهم)
10 . أغلب الناس على دين ملوكهم.. لذلك نقرأ في هذه القصة أن الهدهد يقول في شأن الملكة وقومها: وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله . يتحدث الهدهد أولا عن سجودها ثم عن سجود قومها .
ويؤكد سماحة المرجع (أدام الله ظله) أن الروايات الشريفة قد ذكرت الصفات والخصائص التي ينبغي توفرهــا في المسؤول لينجح في عمله وأداء وظيفته وليُعَّد محسناً عند الله تبارك وتعالى فينال رضاه، ورأيتها – يقول سماحة المرجع – تركّز على صفة (الأبوة) في المسؤول وأغلب الصفات المطلوبة في المسؤول – بأي مستوى كان – مندرجة في هذا العنوان بحيث أن النبي (صلى الله عليه وآله) اختار هذا العنوان ليصف به نفسه وأخاه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (انا وعلي ابن أبي طالب ابوا هذه الأمة) وبصراحة أن أكثر صفة نفتقدها في الذين يتولون أمراً ما صغيراً كان أو كبيراً هي هذه الصفة وفقدانها سبب رئيسي لفشل عمل أكثر مؤسساتنا ليس فقط الرسمية بل حتى الخيرية والدينية والاجتماعية والثقافية.
روى الشيخ الكليني (قده) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم)) فما هي صفات وسلوكيات الوالد الرحيم التي أرادت الأحاديث الشريفة من كل مسؤول الاتصاف بها؟
أولاً: لنحققها في أنفسنا ونعمل بها لأنها من مكارم الأخلاق ومحاسنها التي تنال بها الدرجات الرفيعة عند الله تعالى وهذا مما لا يلتفت إليه أكثر الناس ويغفلون عن هذه الوسيلة العظيمة المقرِّبة إلى الله تعالى، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وانه لضعيف العبادة) وعنه (صلى الله عليه وآله) قال (ما من شيء اثقل في الميزان من حسن الخلق).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ما يَقْدِم المؤمنُ على الله عزّ وجلّ بعملٍ بعد الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى مِن أن يَسَع الناسَ بخُلقه).
ثانياً: ولأننا محاسبون عليها كما نطقت به الآيات الشريفة، (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) , (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
ثالثاً: ولنأخذ دروساً في تربية الأبناء تربية صحيحة وفق تعاليم اهل البيت (عليهم السلام) وينبغي الالتفات إلى أن بعض الصفات قد نعرضها من جانب مسؤولية الآباء في الأسرة ولكن لما طلبت الروايات المتقدمة من كل مسؤول يلي أمور مجموعة من الناس أن يكــون كالوالــد الرحيــم لهــم فعلينــا تجريـد هذه الروايات من خصوصياتها وتعميمها إلى المسؤوليات الأخرى:
1- الحب للولد أو للرعية إذا نظرنا إلى المسؤولية الاجتماعية: عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (قال موسى بن عمران: يا رب، أي الاعمال أفضل عندك؟ فقال عز وجل: حبُ الاطفال، فأني فطرتهم على توحيدي)
2 . التغافل: وغضّ النظر عّما فعل وكأنك لم تعلم بما صدر منه من خطأ لكن مع الانتباه والمراقبة لما يفعل من طرف خفي. عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال (نصف العاقل احتمال، ونصفه تغافل).
وعنه (عليه السلام) قال: (أشرف أعمال – أو أحوال- الكريم غفلته عما يعلم). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : (صلاح حال التعايش والتعاشر مـلء مكيـال، ثلثاه فطنة، وثلثه تغافل).
3 . المداراة واللين والرفق بهم، وهو أدب عام من آداب المعاشرة مع الناس، عن رسول الله (أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض.
4 . العفو عنه: بمعنى عدم معاتبته ولا معاقبته او توبيخه، وقد أكد القرآن الكريم. والنبي (صلى الله عليه وآله) في منهاجه علــى مبــدأ العفــو فــي العــلاقات الاجتماعية داخل الأسرة وخارجها بشكل عام. قال تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُــورٌ).
5 . المشاورة والمشاركة في الرأي، قال تعالى(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ولأمير المؤمنين (عليه السلام) عشرات الكلمات في المشاورة منها قوله (عليه الشلام) (الشركة في الرأي تؤدي الى الصواب)”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا أيضا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز