تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد، أمر لاقى جدلاً واسعاً حول جدوى عملها، حيث رأى بعض خبراء مكافحة الفساد أن تشكيلها خطوة جيدة، فيما اعتبر آخرون أن معالجة الفساد لا تتم من خلال تشكيل الهيئات العليا، وإنما من خلال الإرادة السياسية والعمل الشعبي الجاد، والتفكير خارج الصندوق.
توجيه
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، وجه رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، بتشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد والفريق الساند لها.
وبحسب بيان لمكتب السوداني، فإن تشكيلها جاء “بهدف مكافحة الفساد، طبقاً للمنهاج الوزاري، بآليات غير تقليدية تتجاوز السلبيات السابقة، شكلت هيئة النزاهة، تشكيلًا استثنائياً بعنوان الهيئة العليا لمكافحة الفساد، بغية تسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى، واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها”.
صلاحيات واسعة
ووجّه السوداني، وفقاً للبيان، بـ”تشكيل فريق ساند بصلاحيات واسعة، وذلك لتقديم الإسناد الكامل للهيئة العليا لمكافحة الفساد في فتح تلك الملفات، على أن يترأس الفريق المدير العام في وزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل”.
وأوعز، بأن “تكون إجراءات عمل الفريق، من خلال توفير جميع الضمانات التي أوجبها الدستور والقوانين، خصوصاً ما يتعلق بحقوق الانسان”.
وضع استثنائي
وحول تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد، عدّ نواب ومختصون، ذلك خطوة استثنائية باتجاه القضاء على آفة الفساد في البلاد.
وصرحت عضو لجنة النزاهة النيابية، عالية نصيف، للوكالة الرسمية، بأن “الفساد في العراق استثنائي، ويحتاج إلى وضع استثنائي”، مضيفة أن “رئيس الوزراء لم يبتعد عن الدوائر الرقابية في مواجهة الفساد، حيث شكل هيئة عليا من هيئة النزاهة، لأن هناك خطوط حمراء خاصة بالفساد المرتبط بالدرجات الخاصة والهيئات الاقتصادية”.
جرعة إضافية ساندة
وأشارت عضو لجنة النزاهة النيابية، إلى أن “إيجاد لجنة أو خلية ساندة برئاسة أبو علي البصري، تعتبر خطوة لدفع هيئة النزاهة إلى الأمام، لذلك فإن رئيس الوزراء لم يذهب إلى تشكيل لجنة من قضاة أو أدوات تنفيذية، وإنما استخدم هيئة النزاهة وأعطاها جرعة إضافية ساندة، في مواجهة الفساد”.
وأكدت، أن “هناك ملفات فساد كبيرة منها تهريب النفط الذي يجري من قبل جهات ومن ضباط لهم ارتباطات، وكذلك ملف الأمانات الضريبية والعقارات وملف فساد العقود والخروقات التي تحصل، وكلها تحتاج إلى إجراءات استثنائية”.
ولفتت نصيف، إلى أن “رئيس الوزراء اتخذ إجراءات استثنائية، حيث يتجه بخطين خط الخدمات والآخر محاربة الفساد، وهذه الخطوات ستمكنه من العبور بالبلد إلى بر الأمان”.
الحد من الفساد المالي والإداري
وفيما يخص الرأي القانوني حول تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد، قال الخبير، علي التميمي، إنّ “المواد 3 سابعًا و6 و11 من قانون هيئة النزاهة /30/ لسنة (2011)، بأنّ الهيئة من حقها القيام بأي عمل من شأنه الحد من الفساد المالي والإداري، ويكون ضرورياً لتحقيق الأهداف”، حيث بيّن، أنّ “رئيس الهيئة يقوم بوضع السياسة العامة للهيئة، وضمان تأدية واجباتها وأجازت المادة /11/ تشكيل وفتح مديريات التحقيق”.
إجراء موافق للقانون
ولفت، إلى أنّ “وجود القوة الساندة التي شكلها السوداني، بعد أن خوله مجلس الوزراء بذلك، فهو إجراء موافق للقانون وفق المادة /13/ من النظام الداخلي لمجلس الوزراء”، منوهاً إلى أنّ “هذا التشكيل استثنائي، ويساعد في كشف ومتابعة الفساد المالي والإداري في العراق، ومتابعة خيوطه الخارجية بعد ذلك”.
وتابع التميمي، أنه “بما يخص التعاقد مع شركة دولية محاسبية للتدقيق في قضايا الفساد المالي والإداري وكشفها، فذلك سيكون بالتأكيد بمشاركة فريق عراقي”.
وأوضح، أنّ “هذا الإجراء هو استثناء من المادة /3/ من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية /2/ لسنة (2014) التي تحدثت عن نوع الدعوة في التعاقد، ولجان فتح العطاءات وتحليل العطاءات”.
وأكد الخبير القانوني، أنّ “تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم /2/ لسنة (2014) لا تعتبر قانوناً، فهي تعليمات قابلة للاستثناء والتعديل، خصوصاً من مجلس الوزراء وفق صلاحياته في المادة /80/ من الدستور وأيضاً نظامه الداخلي /2/ لسنة (2019)”، مبيّناً أنّ “عمل هذه الشركة سيساعد في كشف الملفات، ويمكن للحكومة التعاقد مع شركات دولية، للمطالبة بالأموال المهربة في الخارج”.
تكامل أدوار
“تفكيك الفساد يتم من خلال تطبيق مبادئ نظام النزاهة الوطني، مع تعدد وتكامل الأدوار بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات الرقابية، ومن خلال ردم الفجوة القانونية بين العراق والمتطلبات الدولية في مكافحة الفساد، وتشريع قوانين تلبيتها”، هذا ما أكده المختص بقضايا مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، للوكالة الرسمية.
ونوه، إلى أن “المنظومة العقابية غير رادعة مما يستدعي تعديلها أو تشريع قانون عقوبات جديد، يتم فيه تشديد العقوبات في المواد العقابية ذات العلاقة بجرائم الفساد، مع دعم الهيئات الرقابية وإعادة الرقابة الاستباقية كذراع رقابية للسلطة التنفيذية”.
هيئة ولجنة
قارن بعض الخبراء والأكاديميين بين اللجنة العليا لمكافحة قضايا الفساد الكبرى في حكومة مصطفى الكاظمي، والهيئة العليا لمكافحة الفساد المعلن عنها في حكومة محمد شياع السوداني.
فالخبير والأكاديمي في القانون، محمد السامرائي، أشار إلى “وجود فرق ومخالفات بين لجنة مكافحة الفساد في حكومة مصطفى الكاظمي، والهيئة العليا لمكافحة الفساد المعلن عنها في حكومة محمد شياع السوداني”.
وقال في حديث لـ”ألترا عراق”، إنّ “لجنة الأمر الديواني رقم /29/ الذي تم بموجبه تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد، والصادر من مكتب رئيس الوزراء قد ضم في عضوية اللجنة شخصيات من داخل هيئة النزاهة، وأعضاء آخرين من خارجها”.
وأوضح السامرائي، أنّ “الهيئة المعلنة حالياً تختلف لكونها قد شكلت داخل هيئة النزاهة نفسها وأعضائها هم رئيس الهيئة، وغيرهم بدرجة مدير عام من النزاهة أيضًا”، موضحاً إلى أنه “لا يوجد داخل الهيئة المستحدثة أي عضو خارجي، وشكلت بموجب أمر وزاري من داخل هيئة النزاهة”.
وأضاف، أنّ “تشكيل الهيئة مميز عن لجنة الأمور الديواني رقم /29/ لخصوصية عضويتها والأمر الصادر لها، لتكون متفقة مع ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية الذي ألغى لجة الأمر الديواني رقم /29/، عندما تضمن منع تشكيل لجان بصورة مخالفة للقانون تجمع بين أكثر من جهة”.
ماهية دور الجهة الساندة
وبحسب السامرائي، فإن “الأمر المهم، يبقى هو ماهية دور الجهة الساندة التي تمت الإشارة إليها في وسائل الإعلام، دون عرض صورة من كتاب تكليفها مع الهيئة العليا لمكافحة الفساد”.
واعتبر، أنه “إذا كان لهذه الجهة دور ساند يتعلق بتنفيذ أوامر القبض الصادرة من القضاء بتوصية من اللجنة نفسها، فهو إجراء تنفيذي موافق للقانون”.
أما إذا كلفت الجهة الساندة بدور تحقيقي فهنا الأمر مختلف وقد يتعرض أمر تكليفها إلى الطعن مستقبلاً، والكلام هنا للخبير السامرائي.
وكانت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، قد أعلنت، سابقاً، تأليف هيئةٍ عليا؛ للتحقيق بقضايا الفساد “الكبرى والهامة” المُودعة في مُديريَّات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات العراقية، وما يُحالُ إليها من قضايا.
ويترأس هذه الهيئة، رئيس هيئة النزاهة، وتضمُّ في عضويَّتها مُديري دائرتي التحقيقات والاسترداد في الهيئة، بالإضافة إلى مجموعةٍ من مُحقِّقيها يتمُّ اختيارهم من قبل رئيس الهيئة “قابلين للتغير”، وللهيئة الاستعانة بتحريِّين وإداريِّين من مُوظَّفيها، وفقاً لبيان هيئة النزاهة.
تجدر الإشارة إلى أن العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالمياً بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي 2021، مما يؤكد أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة دون أن تحدد المنظمة أرقاماً دقيقة لحجم الفساد في البلاد.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز