أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد حسينية الإمام الحسن المجتبى ( ع ) في خانقين منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ حسين المندلاوي “دام عزه وتوفيقه ” وبحضور جمع مبارك من المؤمنين تحت عنوان (جرح الامام علي ” ع ” جرح الإسلام والمسلمين).
وقال الشيخ المندلاوي في خطبة صلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز”. “جرح الإمام علي(ع) هو جرح للإسلام والمسلمين إنَّ الحمدَ للَّهِ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسوله، (ص) وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.”
استشهاد الإمام علي (ع)، هو أحد أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، حيث كان عليه السلام الإمام الأول للشيعة والخليفة الرابع عند عامة المسلمين إضافة لكونه صهر الرسول صلی الله عليه وآله وسلم وكاتب وحيه، وقد ثبت التاريخ عشرات المواقف البطولية والمهمة لهذه الشخصية البارزة.
وكانت آخر وقعة خاضها الإمام علي (ع) هي معركة النهروان، حيث جابه فيها مجموعة من أنصاره الذين فرضوا التحكيم عليه في حرب صفين آنفاً، لكنهم ندموا بعدة أيام، فنكثوا عهدهم وخرجوا من بيعة الإمام، وقد عُرفوا هؤلاء في ما بعد باسم الخوارج أو المارقين، فانتصر عليهم الإمام (ع). وكان يتهيأ لقتال المتمردين في الشام – بعد أنْ فشل التحكيم عند اللقاء بين الحَكَمَين – بيد أنه في صبيحة اليوم التاسع عشر من رمضان سنة أربعين للهجرة عند صلاة الفجر، قام عبد الرحمن بن ملجم المرادي – وهو من الخوارج – بشجّ الإمام “ع” في مسجد الكوفة، وذلك بعد نحو خمسة أعوام من الحُكم.
لمّا انفصل أمير المؤمنين من معركة صفّين راجعاً إلى الكوفة لم يدخل الخوارج معه الكوفة وعسكروا بموضع يقال له: الحروراء وعزموا على. أن يدعوا عليّاً مجدّداً إلى الرجوع عن العهد ونقضه كي يذهبوا معه ثانياً إلى حرب معاوية وإلاّ سيحاربونه ويقتلونه.
وجرى بين أمير المؤمنين وبينهم رسلٌ ورسائل ومحاجّات كثيرة في خلالها رجع بعضهم عن نزعته ووقف آخرون متردّدين وبقي أكثرهم على لجاجهم وعنادهم وسعوا في. الأرض فساداً، وقتلوا الأبرياء وأهلكوا الحرث والنسل ونابذوا عليّاً بالحرب وخرجوا إلى موضع يقال له: النهروان معلنين الحرب.
فخرج إليهم عليّ (ع) بالجنود واحتجّ عليهم وخطبهم وطلب منهم الرجوع إليه كي يذهب بهم إلى حرب معاوية من أجل أنّ الحكمين لم يتّفقا وخانا ما أخذ عليهما من الحكم بالقرآن والتجنّب عن متابعة الهوى.
فلم يلتفت الخوارج إلى احتجاج عليّ وشدّوا على أصحابه وقتلوا منهم أفراداً. فعند ذلك ثبّت أمير المؤمنين أصحابه وحرّضهم على قتال الخوارج وبشّرهم بما وعد اللّه تعالى لمن يقتل هؤلاء الأشقياء وأخبرهم بأنّه لا يقتل منهم إلاّ دون عشرة وأنّه لا ينجوا من الخوارج إلاّ دون عشرة. ثمّ شدّ عليه السلام بأصحابه على المارقين فقضوا عليهم عدا من فرّ منهم من المعركة وهم دون العشرة. وعدا المجروحين منهم فإنّه عليه السلام دفعهم إلى عشائرهم كي يداووهم. وبعد وقعة النهروان والقضاء على رؤوس الخوارج خمدت شوكتهم فعندئذ غيّر الباقون من الخوارج ومن على نزعتهم مجرى المناوئة وعزموا على الفتك والاغتيال.
مؤامرة ابن ملجم عليه لعائن الله
قال ابن سعد : قالوا: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج [وهم] عبد الرحمن بن ملجم المرادي- وهو من حمير وعداده في مراد وهو حليف بني جبلة من كندة- والبرك بن عبد اللّه التميمي وعمرو بن بكير التميمي فاجتمعوا بمكّة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلنّ هؤلاء الثلاثة: عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ويريحنّ العباد منهم فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعليّ بن أبي طالب. وقال البرك: أنا لكم بمعاوية. وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.
فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا وتواثقوا “على أن” لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمّي “له” ويتوجّه إليه حتّى يقتله أو يموت دونه.
فتواعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان ثمّ توجّه كلّ رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه.
فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه. فزار يوماً نفراً من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب- وكان عليّ قتل أباها وأخاها يوم النهروان، فأعجبته فخطبها فقالت: لا أتزوّجك حتّى تسمّي لي. فقال: لا تسأليني شيئاً إلاّ أعطيتك.
فقالت: ثلاثة آلاف وقتل عليّ بن أبي طالب. فقال: واللّه ما جاء بي إلى هذا المصر إلاّ قتل عليّ بن أبي طالب وقد آتيناك ما سألت.
ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أنْ يكون معه، فأجابه إلى ذلك. وبات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أنْ يقتل علياً في صبيحتها، يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده، حتى كاد أنْ يطلع الفجر فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقم، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي.
أحداث ليلة الاستشهاد
عن الشريف الرضي رحمه الله قال: “وبإسناد مرفوع إلى الحسن بن أبي الحسن البصري” قال: سهر علي عليه السلام في الليلة التي ضرب في صبيحتها، فقال: إني مقتول لو قد أصبحت فجاء مؤذنه بالصلاة فمشى قليلاً فقالت ابنته زينب يا أمير المؤمنين مر جعدة يصلي بالناس فقال: لا مفر من الأجل، ثم خرج.
وفي حديث آخر قال: جعل عليه السلام يعاود مضجعه فلا ينام، ثم يعاود النظر في السماء، ويقول: والله ما كَذبت ولا كُذّبت، وإنها الليلة التي وعدت، فلما طلع الفجر شد إزاره وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت
فإن الموت لاقيكا
ولا تـجـزع مـن المـوت
وإن حــل بواديكا
وروي أنّ الإمام أمير المؤمنين لما أراد الخروج من بيته في الصبيحة التي ضرب فيها خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردوهن، فقال: دعوهن فإنّهن صوايح تتبعها نوايح، ثم خرج فأصيب. صلوات الله وسلامه عليه.
قال الحسن بن علي عليه السلام: وأتيته سحيراً فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي فملكتني عيناي وأنا جالس فسنح لي رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود واللد؟
فقال لي: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني.
فزت ورب الكعبة
وخرج الإمام صلوات الله وسلامه عليه وصلى بالناس فبينما هو ساجد ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه بالسيف فصاح الإمام صلوات الله وسلامه عليه: فزت ورب الكعبة .
فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعت قائلاً يقول لله الحكم يا علي لا لك، ثم رأيت سيفاً ثانياً فضربا جميعاً، فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمعت علياً يقول: لا يفوتنكم الرجل.
وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفواً أو قصاصاً، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.
لقد عانى أمير المؤمنين علي(ع) من تلك الضربة المشؤومة المسمومة ثلاثة أيّام بلياليها، وضجّت الملائكة في السماء بالدّعاء، وهبّت ريحٌ عاصفٌ سوداء مظلمة، ونادى جبرئيل(ع) بين السماء والأرض بصوت يسمعه كلّ مستيقظ:
“تهدَّمت والله أركان الهدى.. وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى.. وانفصمت والله العروة الوثقى.. قُتل ابن عمّ محمّد المصطفى.. قُتل الوصيّ المجتبى.. قتلُ عليّ المرتضى.. قُتل والله سيّد الأوصياء.. قَتله أشقى الأشقياء”.
وقد نصّب أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بعد عهده من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ابنه الحسن(عليه السلام)، ولقد مضت هذه الأيّام الثلاثة الأليمة على أمير المؤمنين كعادته ودأبه في ذكر الله والرضا بقضائه والتسليم لحكمته.
وكان يوصي بوصاياه الى ولده والآخرين، ويدعوهم لإقامة حدود الله تعالى، محذّراً من النكوص عن الرسالة الإسلاميّة، وعدم التراجع عن نصرتها، وهذا بعض وصيّته آنفة الذكر:
(كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، أُوصيكم وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم.. الله الله في الأيتام.. الله الله في جيرانكم.. الله الله في القرآن.. الله الله في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم، الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله.. وعليكم بالتواصل والتباذل وإيّاكم والتدابر والتقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيُوَلّى عليكم شرارُكم ثمّ تدعون فلا يُستجاب لكم.. انظر إذا أنا متُّ مِنْ ضربتِهِ هذه فاضربوه ضربةً بضربة، ولا تمثّلوا بالرجل فإنّي سمعتُ رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: (إيّاكم والمُثلة ولو بالكلب العقور).
فسلامٌ على رجل الحقّ والعدل يوم وُلد في جوف الكعبة ويوم استشهد ساجداً في المحراب ويوم يبعث حيّاً ساقياً على الحوض.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز