‘بإمامة الشيخ جعفر الربيعي’… ملخص خطبة صلاة الجمعة في مسجد جنات النعيم بكربلاء
أقيمت صلاة الجمعة في مسجد جنات النعيم في كربلاء المقدسة بإمامة فضيلة الشيخ جعفر الربيعي (أعزه الله تعالى) بتاريخ 19محرم 1446ه، الموافق 26/7/2024.
وقال فضيلة الشيخ جعفر الربيعي (أعزه الله تعالى) في صلاة الجمعة تابعتها “النعيم نيوز”. “قال تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
المحور الأول: تنقسم مدركات الإنسان إلى اقسام ثلاثة:
ا-المدركات الحسية: قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
2-المدركات العقلية: حضور صورة المعلوم لدى العالم وانطباعها في ذهنه.
3-المدركات القلبية: حضور المعلوم لدى العالم مثل الحب والبغض والمرض وغيرها.
يمكن للإنسان ان يستعمل جميع هذه المدركات في الوصول إلى الله تبارك وتعالى ولكن من اعظمها القلبية. روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال: فقال: ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره، قال: وكيف رأيته؟ قال: ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان.
المحور الثاني: العبادات ومنها إحياء الشعائر مظاهر أم جواهر:
الكثير من العبادات تتألف من حركات ظاهرية كالصلاة التي تتألف من ركوع وسجود وقراءة وغيرها, وكإحياء شعائر الإمام الحسين (ع) لبس السواد واللطم واقامة المجالس وغيرها. فهل حقيقتها بمظاهرها ام جواهرها. الشارع المقدس يؤكد على أهمية الجوهر والادراك القلبي لهذه العبادات, قال تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْۚ), (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
روي عن الصادق( ع) «لا تغتروا بصلاتهم، و لا بصيامهم، فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة و الصوم حتى لو تركه استوحش، و لكن اختبروهم عند صدق الحديث، و أداء الأمانة».
المحور الثالث: إحياء شعائر الإمام الحسين (ع) تحتاج إلى بعد روحي فما هي الابعاد الروحية في ثورته المباركة:
المضمون الأول: اللجوء إلى العبادة عند مواجهة الحدث:
عندما تواجه حدث ماذا تصنع؟.. عندما تقدم على عملية جراحية خطيرة ماذا تصنع؟ مثلاُ إنسان يريد أن يسافر سفر مجهول لا يعرف كم أمده ماهي نتائجه؟ ماهي عواقبه؟ كيف يتعامل مع هذا الحدث؟.
ماهو الطريق لمواجهة الحدث؟ الحسين يعلمنا مواجهة الحدث في ليلة عاشوراء، كما يقول الإمام زين العابدين «بات الحسين وأصحابه ليلة عاشوراء ولهم دوي كدوي النحل يتزودون من العبادة» اللجوء إلى العبادة هو الطريق لمواجهة الحدث، لماذا؟ لأن مواجهة الحدث تخلق حاله عارمه من القلق في نفس الإنسان ولا علاج لهذا القلق إلا الرصيد الروحي المُشبع، ولا سبيل إلى هذا الرصيد الروحي إلا اللجوء إلى العبادة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ ويقول القرآن الكريم ﴿اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾ يقول الإمام الباقر «وكان علي إذا فزع من أمر لجأ إلى الصلاة» يصلي ركعتين، مواجهة الحدث تحتاج إلى رصيد روحي وهذا الرصيد الروحي يحصل عليه الإنسان عِبره الصلاة وعِبره العبادة.
المضمون الثاني: إفتتاح المشروع بالدعاء.
أن تفتتح يومك بالاتصال بالسماء، إبدأ يومك بالدعاء كما ورد عن النبي «كل أمرٍ لم يبدأ فيه بإسم الله فهو أبتر» إفتتح يومك بالدعاء، الدعاء يكون منهلاً للبركةِ والبُعد عن الأذى والألم في هذا اليوم ، الحسين إفتتح يومه بالدعاء، جلس يوم عاشوراء تيمم لعدم وجود الماء هو وأصحابه صلوا صلاة الفجر وبعد صلاة الفجر وقف الحسين وقال «اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شده وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من كرب يضعف منه الفؤاد وتقل فيه الحيله ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك عمن سواك ففرجته وكشفته، فأنت ولي كلِ نعمه وصاحب كلِ حسنة ومنتهى كلِ رغبه» يعلمنا الحسين أن نفتتح مشاريعنا بالدعاء بالإتصال بالله تبارك وتعالى، قد يقول قائل نحن نذكر الله في قوله تعالى ﴿َوقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وندعو ليل ونهاراً لا يوجد إستجابه إذن أين هذا الوعد الإلهي ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ليس المقصود بالإستجابه أن تحقق مرادك، هاتفتني إمرأه تقول كل يوم أدعوا الله على زوجة ابني في الصبح والظهر لم يتغير شئ، ليس المراد بإستجابة الدعوه أن يتحقق مطلوبك لأن الإنسان قد يطلب ماهو شر له ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾. إذن ماهو المقصود بالإستجابة؟ المقصود بالإستجابة متى حصل الدعاء الحقيقي بمعنى المنقطع إلى الله، ترتبت عليه إفاضة رحمةٍ من الله.
المضمون الثالث: كثرة ذكر الله:
لا حظ الإمام الحسين (عليه السلام) ما فتئ يوم العاشر عن ذكر الله، الحسين يوم العاشر قام بأعمال ضخمه، تصور إنسان من الصباح إلى ساعه بعد الظهر وهو مستقبل جنائز ويعالج جروح، ويضمد جرحى ويحمل موتى ويهدأ الأطفال ويجلس مع النساء ويصبرهن، ويقاتل الأعداء ويخاطب الأعداء يخطب فيهم، ويسلي أصحابه ويحفزهم على القتال، كل هذه الأعمال الضخمة التي تحتاج إلى طاقه من الإرادة وطاقه من الصبر، وطاقة من التحمل النفسي خاضها الحسين يوم عاشوراء من الصباح إلى مابعد الظهر، لكنه ما مرت عليه لحظه انفصل عن ذكر الله طوال الوقت وهو يكرر لا حول ولاقوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، هون ما نزل بي أنه بعين الله، اللهم رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك… فالإنسان يحتاج لذكر الله حاجة فطرية حاجة ذاتيه، لا يحتاج القرآن ولا الأحاديث يقول لك أنت تحتاج إلى ذكر الله حاجة فطرية من خلال أمرين:
الأمر الأول: ما يذكره علماء النفس أن الإنسان يحتاج إلى الأمن النفسي، من الحاجات الفطرية لدى الإنسان حاجته إلى الأمن النفسي لا يمكن أن يبدع ويعطي وينتج حتى يشعر بالأمن النفسي، والأمن النفسي كيف يحصل عليه الإنسان؟ يحصل عليه بالانتماء، علماء النفس يقولون الانتماء يحقق الأمن، مثلا الانتماء إلى العشيرة يعطيك شعور بالأمن، الانتماء إلى المؤسسة يعطيك شعور بالأمن، فالانتماء هو الطريق لتحقيق الأمن النفسي، هذا الذي يذكره علماء النفس نحن نأخذه نقتبسه نقول إذا كان الانتماء طريقاً لتحقيق الأمن فالانتماء إلى أعظم قوة وأعظم مصدرٍ للعطاء وأعظم مصدرٍ للمدد ألا وهو الله عزوجل ، والانتماء إلى الله ماهو الطريق إليه؟ كثرة ذكر الله ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
الأمر الثاني: حاجة الإنسان لإستمطار المدد، الإنسان في كل وقت يشعر بالضعف يحتاج أن يستمد القوه كل وقت يشعر بالنقص يحتاج إلى أن يستمد الكمال، إستمطار المدد من القوه والحيوية والكمال ماهو الطريق إليه؟ ذكر الله﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ ألا تريد أن تستمد مني الطاقة والحيوية والنشاط أذكرني ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾ ذكرُ الله منشأٌ للشعور بأن هناك مدداً وعناية وإحاطة تمنحني الدفئ، تمنحني الحيوية تمنحني النشاط، من هنا يحتاج الإنسان إلى كَثرة ذكر الله تبارك وتعالى.
المضمون الر ابع: الحفاظ على الاحكام الشرعية فتراه حريص على الصلاة وغيرها من الاحكام الشرعية فيتوجب علينا ونحن في ايام محرم ان يكون لنا موقف في الدعوة والمحافظة على المطالبة بالقانون الجعفري.
وتابع الامام صلاة الجمعة في الخطبة الثانية بعد قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ). نتكلم حو الآية المباركة بمحاور ثلاثة:
المحور الاول: توجد طريقتان للتعامل مع قضية الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف:
1-الاهتمام بعلامات الظهور والاستغراق بها, بل ومحاولها تفسير كل حدث يقع في الواقع الخارجي بما ينسجم مع تلك العلامة.
2-الاهتمام بشرائط الظهور والاتعداد الحقيقي ليكون الفرد عنصر مؤثر في التمهيد لدولة الإمام المهدي.
المحور الثاني: إنّ الآية ـ محل البحث ـ عينها وبالألفاظ ذاتها، وردت في سورة الصف، كما وردت في أُخريات سورة الفتح باختلاف يسير.
والآية تخبر عن حدث مُهِمّ كبير استدعت أهميته هذه أن تتكرر الآية في القرآن، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعابُ الإِسلام للعالم بأسرهِ. طبقاً للرّوايات المختلفة الواردة في المصادر الإِسلامية، فإنّ هذا الموضوع إِنّما يتحقق عند ظهور المهدي(ع) فيجعل الإِسلام عالمياً. ينقل العلامة الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الآية محل البحث عن الإِمام الباقر(ع) أنّه قال: «إِنّ ذلك يكون عند خروج المهدي، فلا يبقى أحدٌ إلاّ أقرّ بمحمّد(ص)».
كما ورد في التّفسير ذاته عن النّبىّ(ص) أنّه قال: «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا بر إلاّ أدخله الله كلمة الإِسلام». كما أن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه روى عن الإِمام الصادق(ع) في تفسير هذه الآية ـ في كتابه إِكمال الدين ـ أنّه قال: «والله ما نزل تأويلها بعدُ،ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم، فإِذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم».
المحور الثالث: دور الإمام المهدي عليه السلام في الهداية.
وهناك سؤال يتبادر لذهن الإنسان عندما يقرأ الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ ما هو الفرق بين الهدى ودين الحق؟ أليس دين الحق هو الهدى؟ أليس الهدى دين الحق؟ فما هو الفرق بين الهدى ودين الحق؟ دين الحق هو عبارة عن المعتقدات التي يعتقد بها الإنسان، أما الهدى فهو الوجود الرابط بين المعتقد وبين الإرادة، كيف الوجود الرابط بين
المعتقد وبين الإرادة؟
فالإنسان يحمل معتقدات وهي معتقدات الدين المعبر عنها بدين الحق، لكن هل إرادة الإنسان على طبق معتقداته أم أن إرادة الإنسان تعاكس وتخالف معتقداته؟ كثير منا في مرحلة العمل ينفصل عن معتقداته، في مرحلة السلوك ينفصل عن معتقداته، فتكون إرادته مخالفة لمعتقداته. مثلاً: الإنسان – والعياذ بالله – حين يسرق وهو يعتقد أن السرقة جريمة، أو حين يزني وهو يعتقد أن الزنا جريمة، هنا تتعاكس إرادته مع معتقداته، تتخالف إرادته مع معتقداته، إذاً هذا الإنسان الذي يقوم بالجريمة.
جريمة الزنا أو السرقة أو أي جريمة أخرى، هذا الإنسان له معتقد، عنده دين الحق، لكن عنده حلقة مفقودة بين المعتقد وبين الإرادة، هناك حلقة مفقودة بين المعتقد وبين الإرادة، هذه الحلقة المفقودة بين المعتقد وبين الإرادة هي التي تسمى ب «الهدى»، «الهدى» هو الوجود الرابط الذي يؤلف بين المعتقد وبين الإرادة بحيث تكون إرادة الإنسان على طبق معتقده. ولذلك ورد عن النبي (ص) : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» يعني أن السارق والزاني عنده معتقد، عنده دين الحق، لكن ليس عنده الرابط بين المعتقد وبين الإرادة، وهذا الرابط هو الهدى. إذاً بالنتيجة ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ الدين هو المعتقدات والهدى هي الحلقة الروحية الرابطة بين المعتقد وبين الإرادة في مجال السلوك
ومجال العمل. والهداية تنقسم إلى قسمين رئيسين:
1. هداية خلقية.
2. وهداية روحية.
الهداية الخلقية لكل مخلوق، القرآن الكريم يقول: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ فلا يوجد مخلوق إلا وقد هُدِي إلى هدفه، هُدِي إلى غايته، البذرة هديت إلى أن تكون شجرة، والحيوان هدي إلى أن يتعلم كيف يأكل وكيف يشرب، كل مخلوق هدي إلى غايته، ﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ كل هدي إلى طريقه، هذه تسمى هداية تكوينية، هداية خلقية، وهي عامة. وهناك هداية روحية خاصة بالإنسان، ليست لغير الإنسان، هذه الهداية الروحية أيضًا تنقسم إلى قسمين: هداية استحقاقية. وهداية تفضلية.
الهداية الاستحقاقية:
هي التي استحقها كل إنسان منذ ولادته وهي ما تسمى بالفطرة، لاحظوا قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ لاحظوا قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ كل إنسان استحق حين خلقه أن يلهم الدلالة على ربه، كل إنسان زرع في قلبه أن يهتدي إلى ربه، أن يهتدي إلى خالقه، فهذه هداية فطرية عامة لكل إنسان ونسميها بالهداية الاستحقاقية.
الهداية التفضلية: الهداية الخاصة ببعض المؤمنين وليست لكل المؤمنين، هذه الهداية التي يتفضل بها الله على عبده المؤمن تسمى هداية تفضلية، الهداية التفضلية ما هي؟ الهداية التفضلية لها ثلاث درجات:
1-الانشراح.
2-الاستقامة.
3-اليقين المؤدي للرؤية الملكوتية.
المرتبة الأولى من الهداية التفضلية: الانشراح… بحسب تعبير القرآن الكريم: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ هذه أول درجة من درجات الهداية التفضيلة، ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ ما معنى الانشراح؟ الانشراح بمعنى لين القلب مقابل قسوة القلب، القرآن الكريم يصف هذا النوع من الانشراح يقول: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ لين، لين القلب مقابل قسوة القلب، مقابل جفاف القلب، مقابل يبوسة القلب، لين القلب هو المعبر عنه بالانشراح، هو المرتبة الأولى من مراتب الهداية التفضلية. ولكي يعرف الإنسان نفسه أنه حصل على هذه المرتبة أم لم يحصل فليختبر الإنسان نفسه إذا قرأ الدعاء، إذا قرأ الإنسان دعاء ورأى نفسه أنه يلتذ بالدعاء، يتعظ بالدعاء، نفسه تحلق مع مضامين الدعاء، إذاً هو يعيش لينًا في قلبه، يعيش انشراحًا في صدره، يعيش المرتبة الأولى من مراتب الهداية، أما إذا رأى نفسه جافة يابسة، تقرأ الدعاء لكن لا تتفاعل معه، تقرأ الدعاء لكن لا تلتفت إلى الاتعاظ والاعتبار بفقرات الدعاء، إذاً هذا الشخص مبتلى بمرض قسوة القلب، لم يحصل على المرتبة الأولى من مراتب الهداية، ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾، هذه المرتبة الأولى من مراتب الهداية.
المرتبة الثانية: المرتبة الثانية الاستقامة، ما معنى الاستقامة؟ لاحظوا قوله تبارك وتعالى: ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ﴾ يعني بعدما اجتبيناهم أعطيناهم هذه الدرجة الثانية من الهداية، ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.
المرتبة الثالثة: درجة اليقين المؤدي لرؤية الملكوت: أي أن الإنسان إذا تسامى في الهداية سيصل إلى درجة يرى حقيقة عمله وهو في الدنيا، فإذا وصل الإنسان إلى رؤية حقائق الأعمال، ورؤية عالم الملكوت، فقد وصل إلى الدرجة الثالثة من الهداية التفضلية ألا وهي درجة اليقين «رؤية حقائق الأعمال». وأضرب لك مثالاً: تقرأ في «إحدى المناجاة للإمام زين العابدين »: ”اللهم ظلل على ذنوبي غمام رحمتك وأرسل على عيوبي سحاب رأفتك“ نحن الآن نريد نتأمل في هذه الفقرة الأولى ”ظلل على ذنوبي غمام“ ما معناها؟.
يعني الإمام يقول: أنا وصلت إلى درجة أشعر بحرارة الذنوب مثل ما أشعر بحرارة النار، نحن ما وصلنا إلى هذه الدرجة «أن نرى حقائق الأعمال». يعني الذنوب تراها نارًا لا ترى الذنوب ذنوبًا، ترى المعصية قطعة من النار، ترى الصلاة قطعة من الجنة، ”اللهم ظلل على ذنوبي غمام رحمتك“ اللهيب يحتاج إلى غمام، الحرارة تحتاج إلى غمام، ”ظلل على ذنوبي غمام رحمتك“ يعني أنا وصلت إلى درجة أن أشعر أن الذنب الذي أصنعه كاللهيب الذي يحيط بجسمي.
هذا وصول إلى الدرجة الثالثة من الهداية وهي رؤية حقائق الأعمال، ورؤية عالم الملكوت. فالإمام وكل إمام من الأئمة، القرآن الكريم يقول بحقهم: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ فهم قادرون أن يوصلوك إلى الدرجات الثلاث «كل إنسان بحسب رتبته»، هناك إنسان يعطيه درجة الانشراح «الأولى»، هناك إنسان يعطيه درجة الاستقامة «الثانية»، هناك إنسان ككميل ابن زياد الذي أوصله الإمام علي (ع) إلى رؤية حقائق الأعمال، وكسلمان، وأبي ذر، هؤلاء أوصلهم علي إلى الدرجة الثالثة من درجات الهداية. و هذا لا يعني أن الإمام إله، لا، بل إن الإمام واسطة في الفيض الإلهي ليس إلا، مثله مثل الملائكة وسائط في الفيض.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز